وقال الشافعي (١) ومالك (٢): إذا كان الطريق آمناً فإنها تخرج مع الناس في الحج.
قلت: وهو خلاف ما أفاده الحديث، [والحديث](٣) لم يشرّط لأجل خوف الطريق. وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الثاني (٤): "انطلق فحج مع امرأتك" دليل على أنها لا تخرج إلا بمحرم أمنت الطريق أم لا، إذ من المعلوم أنها خرجت والطريق آمنة.
٢ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: "انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ". أخرجه الشيخان (٥). [صحيح]
قوله: "لا يخلون رجل بامرأة" قيل: فيه دليل على جواز خلو الرجلين والثلاثة بالأجنبية.
قلت: وهو حمل لمفهوم العدد الذي أفاده إفراد رجل، والأصح عدم العمل به؛ إلا أنه قد علله في الحديث بأنه إذا خلى بها [رجل](٦) فإن ثالثهما الشيطان، فيحتمل أنه إذا زاد على رجل جازت الخلوة، ولا يقوى ذلك على النهي الظاهر.
وقوله: "مسيرة يوم وليلة" يؤخذ من مفهومه جواز ما دون ذلك، لكنه أخرج أبو داود (٧) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر
(١) انظر: "المجموع شرح المهذب" (٧/ ٦٩). (٢) "المدونة" (١/ ٤٥٢). (٣) في (أ): "والمحرم". (٤) سيأتي تخريجه، وهو حديث صحيح. (٥) أخرجه البخاري رقم (٣٠٠٦)، ومسلم رقم (٤٢٤/ ١٣٤١). (٦) زيادة من (أ). (٧) في "السنن" رقم (١٧٢٥)، وهو حديث شاذ.