يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. فَقَالَ النِّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". أخرجه الشيخان (١). [صحيح]
قوله:(الكتاب الثاني من حرف الزاي في الزهد).
أقول: في "التعريفات"(٢) الزهد في الشيء قلَّة الرَّغبة فيه, وإنْ شئت قلت: الرَّغبةُ عنه. وفي اصطلاح أهل الحقيقة: بغض الدُّنيا والإعراض عنها.
وقيل: ترك راحة الدنيا لراحة الآخرة.
وقيل: أنْ يخلو قلبك مما خلت منه يدك.
وقيل: بذل ما تملك ولا تؤثر ما تدرك.
وقيل: ترك الأسف على معدوم ونفي الفرج بمعلوم.
وقال ابن القيم في "شرح منازل السائرين"(٣): وقد أكثر الناس الكلام في "الزهد" وكل أشار إلى ذوقه ونطق عن حاله وشاهده، ثم نقل أقوالاً في ذلك:
فقال سفيان الثوري (٤): الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا لبس [العباء](٥).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٠٩١)، وطرفه رقم (٦٤٤٧)، ولم يخرجه مسلم. (٢) (ص ٢٩٠)، وانظر: "الكليات" (٢/ ٤١١)، "معجم مصطلحات الصوفية" (١٢١). (٣) في "مدارج السالكين" (٢/ ١٣ - ١٥). (٤) أخرجه البيهقي في "الزهد" (٤٦٦)، وأبو نعيم كتاب "الحلية" (٦/ ٣٨٦)، والذهبي في "السير" (٧/ ٢٤٣)، وذكره القشيري في رسالته (ص ١١٥). (٥) في (أ. ب): "العباءة"، وما أثبتناه من "مدارج السالكين".