قوله:"لبيس" أي: ملبوس فعيل بمعنى مفعول، واستدل به على جواز أخذ العرض في الزكاة، وأن الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذ الحب من الحب"(١) الحديث، تقدم للندب لا للإيجاب، وعلى جوازه أخذه بهما بنى البخاري فقال: باب العرض (٢) في الزكاة.
قال ابن رشيد: وافق البخاري الحنفية (٣) في هذه المسألة مع كثرة مخالفتهم له، لكن قاده إلى ذلك الدليل. انتهى.
وأجيب بأن معاذاً قبض ذلك عن الخراج، ورد: بأن لفظ رواية البخاري بلفظ: "في الصدقة"، وبأن البيهقي (٤) حكى أن بعضهم قال فيه: "في الجزية" بدل "الصدقة" فإن ثبت ذلك يسقط الاستدلال، لكن المشهور الأول.
وقال الإسماعيلي (٥): يحتمل [أن يقول](٦) ائتوني به آخذه منكم مكان الشعير والذرة الذي آخذه شراء بما أخذ به، ويكون بقبضه قد بلغ محله، ثم يأخذه مكان ما يشتريه مما هو أوسع عندهم وأنفع للآخذ.
وقيل: هذا اجتهاد (٧) من معاذ فلا حجة فيه. ودفع بأنه كان أعلم الناس بالحلال والحرام.
قلت: وكونه كذلك لا يمنع الاجتهاد، وأنه بالاجتهاد يصير ما اجتهد فيه حلال.
(١) تقدم، وهو حديث ضعيف. (٢) في صحيحه (٣/ ٣١١ الباب رقم ٣٣ - مع الفتح). (٣) "شرح فتح القدير" لابن الهمام (٢/ ١٩٩ - ٢٠٠). (٤) في "معرفة السنن والآثار" (٦/ ٨٦). (٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣١٢). (٦) كذا في (أ. ب)، والذي في "الفتح": "أن يكون المعنى". (٧) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (٣/ ٣١٣).