٥ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابَّكمْ مَنَابِرَ، إِنَّمَا سَخَّرَهَا الله لكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَم تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ". أخرجه أبو داود (١). [حسن]
"شِقُّ (٢) الأنْفُسِ" جَهْدُها وَشِدَّةُ ما تلاقيه عند مقاساة الأمور الصعبة.
قوله:"في حديث عبد الله بن جعفر: حنَّ"(٣) أقول: أي: نزع واشتاق، وأصل الحنين ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها. وفي الحديث من أعلام النبوة معرفته - صلى الله عليه وسلم - بنطق الجمل، وتحريم إتعابه، ووجوب إشباعه.
قوله:"في حديث أبي هريرة: منابر" أقول: كالمنابر في الحديث عليها، كالحديث على المنابر. وفي الحديث الآخر (٤): تعليل هذا بقوله: "فربَّ مركوب خير من راكبه وأكثر ذكراً لله منه".
وقوله:"فعليها فاقضوا حاجتكم" أي: تحدثوا عليها.
٦ - وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنه - قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ لَهَا فَأَخَذْنَاهُمَا، فَجَاءَتِ الحُمَّرَةُ تُعَرِّشُ. فَلَمَّا جَاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَن فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا". وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ أَحْرَقْنَاهَا فَقَالَ: "مَنْ أَحْرَقَ
(١) في "السنن" رقم (٢٥٦٧)، وهو حديث حسن. (٢) "غريب الحديث" للخطابي (١/ ٩٤)، "النهاية" (١/ ٨٨٢). (٣) "النهاية" (١/ ٤٤٤)، "الفائق" للزمخشري (١/ ٣٢٦). (٤) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤٤١) بسند ضعيف عن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتخذوا الدواب كراسي، فربَّ مركوبة عليها هي أكثر لله تعالى من راكبها".