وقوله:"أن يصيبكم" بفتح الهمزة مفعول له، أي: كراهة الإصابة (١).
وقوله:"لا تدخلوا" خطاباً لأصحابه - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا معه.
وقوله:"ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي" دليل أنه لم ينزل به ما في الحقيقة.
وفي هذا حث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين، ومثله العذاب، والإسراع فيه. ومنه إسراعه - صلى الله عليه وسلم - في وادي محسر؛ لأن أصحاب الفيل هلكوا هنالك، فينبغي [١٢٧ ب] للمار بهذه المواضع ونحوها المراقبة، والخوف، والبكاء، والاعتبار بهم وبمصارعهم، والبكاء عند ذلك، والاستعاذة بالله من ذلك.
قوله:"في الرواية الأخرى: لما نزل" أقول: أي مَرَّ بها لا أنه أقام بها, لتصريح الأولى بأنه - صلى الله عليه وسلم - أجاز الوادي.
قوله:"فاستقوا من آبارها" لا ينافي أن يستقوا مع المرور ويعجنوا به عند محل الإقامة، والآبار مثل آجال.
قوله:"من البير التي كانت تردها الناقة" أقول: سئل البلقيني (٢): من أين علمت تلك البئر؟ فقال [٣٢٦/ أ]: بالتواتر، إذ لا يشترط فيه الإِسلام.
وقال الحافظ ابن حجر (٣): والذي يظهر أنها علمت بالوحي.
(١) قال الحافظ في "فتح الباري" (١/ ٥٣١): "لا يصيبكم" بالرفع على أن (لا) نافية، والمعنى: لئلا يصيبكم، ويجوز الجزم على أنها ناهية، وهو أوجه، وهو نهي بمعنى الخبر. ثم قال ابن حجر: وللمصنف في أحاديث الأنبياء: "أن يصيبكم" أي: خشية أن يصيبكم، ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار، فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء ... (٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٣٨٠). (٣) في "الفتح" (٦/ ٣٨٠) حيث قال: والذي يظهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمها بالوحي.