فمن أدلة الثلاثة الدراهم حديث ابن عمر الذي أخرجه الستة (١)، ومن أدلة الأولين الذين لا يعتبرون نصاباً حديث (٢) أبي هريرة وقوله فيه: "يسرق البيضة فتقطع يده" فإن البيضة ظاهرة في المعروفة، والحبل عام لكل حبل، وتأويل الأعمش (٣) ببيضة الحديد وحبل السفينة مثلاً، خلاف الظاهر.
قال النووي (٤): وبلاغة الكلام تأباه لأنه لا يذم في العادة [٢٦٩ ب] من خاطر بيده في شيء له قدر يريد وبيضة الحديد والحبل لهما قدر وقيمة، وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير.
٢ - وَعَنْ ابن عُمَر - رضي الله عنهما - قَالَ: قَطَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سَارِقَاً فِي مجنٍّ قِيْمتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. أخرجهما الستة (٥). [صحيح].
وقوله:"في حديث ابن عمر قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم" لا ينفي القطع فيما دونه، وكذا مفهوم حديث عائشة: ما طال علي ولا نسيت القطع في ربع دينار فصاعداً (٦).
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٨٠، ٨٢) والبخاري رقم (٦٧٩٥) ومسلم رقم (٦/ ١٦٨٦) وأبو داود رقم (٤٣٨٥) والترمذي رقم (١٤٤٦) والنسائي رقم (٤٩٢١) وهو حديث صحيح. (٢) أخرجه أحمد (٢/ ٢٣٥) والبخاري رقم (٦٧٩٩) ومسلم رقم (٧/ ١٦٨٧). (٣) قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أن منها ما يساوي دراهم. زيادة من البخاري رقم (٧٦٩٩). (٤) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١١/ ١٨٣). (٥) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح. (٦) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٣٢ رقم ٢٤) وهو أثر موقوف صحيح، وانظر "فتح الباري" (١٢/ ١٠٢).