وفي "القاموس (١) " مثله لكن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث:"يكرهه" يشعر أنه لم يرد منه الإحتلام بل أريد به الرؤيا، وقال ابن حجر (٢): إن تخصيص الرؤيا بكونها من الله، والحلم من الشيطان تصرف شرعي، وإن كان في الأصل لما يراه النائم. انتهى.
قوله:"فليبصق عن يساره وليتعوذ" هذا دواء ما يكرهه من قبح الرؤيا وأنها لا تضر، أي: لا يصيبه ما يكرهه منها ولفظ الترمذي (٣): "فليبصق عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ بالله من شرها" وقال (٤): حسن صحيح.
قوله:"فقد رآني".
أقول: اختلف العلماء في معنى قوله: "فقد رآني" قال ابن الباقلاني (٥): معناه أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث ولا من شبهات الشيطان، ويؤيده رواية فقد رأى الحق وقال آخرون (٦): بل الحديث على حقيقته وظاهره، والمراد أن من رآه قد أدركه ولا مانع يمنع من ذلك، والعقل لا يحيله حتى يضطر إلى صرفه عن ظاهره، قالوا: وأما كونه قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين معاً، فإن ذلك غلط في صفاته وتخيل لها على خلاف ما هي عليه، وقد يظن
(١) "القاموس المحيط" (ص ١٤١٦ - ١٤١٧). (٢) في "فتح الباري" (١٢/ ٣١٩). (٣) ليس كذلك، بل أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه رقم (٢٢٦٢) وأبو داود رقم (٥٠٢٢) وابن ماجه رقم (٢٩٠٨). (٤) أي: الترمذي في "السنن" (٤/ ٥٣٢) بإثر الحديث رقم (٢٢٧٠)، وفيه: فليتفل. وفي "السنن" (٤/ ٥٣٣) بإثر الحديث رقم (٢٢٧٧). وفيه: "فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره". (٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٣٨٤). (٦) انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٣٨٣ - ٣٨٥).