قوله: "آنفاً" بالمد أي: قريباً، ويجوز القصر في لغة قليلة، وقرئ (٢) به في السبع.
قوله: "فقرأ" قال الرافعي في "أماليه (٣)": فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة، وقالوا:[القرآن](٤) من الوحي ما كان يأتيه في النوم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي، وهو صحيح، لكن الأشبه أن يقال: القرآن كله نزل في اليقظة، وكأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة، أو عرض عليه الكوثر الذي وردت فيه السورة فقرأها عليهم، وفسرها لهم قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه، وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي، ويقال لها: برحاء الوحي. انتهى.
قلت: الذي قاله في غاية الإتجاه، وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه، والتأويل الأخير أصح من الأول؛ لأن قوله: "أنزل عليَّ آنفاً" يدفع كونها نزلت قبل ذلك بل نقول: نزلت في تلك الحالة [وليس الإغفاء إغفاءة نوم بل الحالة](٥) التي كانت تعتريه عند الوحي [قاله](٦) السيوطي في الإتقان (٧).
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٤٩٦٤، ٦٥٨١) ومسلم في "صحيحه" رقم (٥٣/ ٤٠٠) وأبو داود رقم (٤٨٤٧) والترمذي رقم (٣٣٥٩) والنسائي رقم (٩٠٤). (٢) انظر: "روح المعاني" (٢٦/ ٢٥٠ "إعراب القراءات السبع وعللها" (٢/ ٣٢٤). (٣) قاله السيوطي في "الإتقان" (١/ ٧٣). (٤) زيادة من (أ). (٥) زيادة من (ب). (٦) في (ب) قال. (٧) في "الإتقان في علوم القرآن" (١/ ٧٣).