فإن الله تعالى قد قدم فيه وأوعد، وذكره في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وحجة، وإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند ذوي العقل والفهم والعلم بالله ﷿، وإنا ما نعلم الله تعالى أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق، وإن المؤمن حي القلب حي البصر سمع كتاب الله فانتفع به ووعاه وحفظه وعقله عن الله، والكافر أصم أبكم لا يسمع خيرا ولا يحفظه [ولا يتكلم] بخير ولا يعلمه. في الضلالة متسكعا (١) فيها، لا يجد منها مخرجا ولا منفذا أطاع الشيطان فاستحوذ عليه وتلا قوله ﴿(وأمرنا لنسلم لرب العالمين)﴾ قال: خصومة علمها الله ﷿ محمدا ﷺ وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة، وإن الله ﷿ علمكم فأحسن تعليمكم وأدبكم فأحسن تأديبكم.
فأخذ رجل بما علمه الله ولا يتكلف ما لا علم به فيخرج من دين الله ويكون من المتكلفين، وإياكم والتكلف والتنطع والغلو والاعجاب بالأنفس، تواضعوا لله ﷿ لعل الله يرفعكم قد رأينا والله أقواما يسرعون إلى الفتن وينزعون فيها، وأمسك أقواما عن ذلك هيبة لله ومخافة منه. فلما انكشفت إذا الذين أمسكوا أطيب نفسا وأثلج صدورا وأخف ظهورا من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك حزازات على قلوبهم كلما ذكروها. وايم الله! لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير، والله ما بعثت فتنة قط إلا في شبهة وريبة إذا شبت. رأيت صاحب الدنيا لها يفرح ولها يحزن ولها يرضى ولها يسخط وو الله لئن تشبث بالدنيا وحدب عليها ليوشك أن تلفظه وتقضى منه.
• حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا إسحاق بن الحسن قال ثنا حسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة. قال: عليكم بالوفاء بالعهد ولا تنقضوا هذه المواثيق فإن الله قد نهى عن ذلك وقدم فيه أشد التقدمة، وذكره في بضع وعشرين آية نصيحة لكم وتقدمة إليكم وحجة عليكم قال الله ﷿ ﴿(ولنسكننكم الأرض من بعدهم)﴾. وعدهم الله النصر فى الدنيا والجنة