ولا يلهيهم عن ذكر الله تجارة ولا حال، لم يحزنوا على ما فاتهم من الدنيا، ولا يفرحوا إلا بما أيدوا به من العقبى. كانت أفراحهم بمعبودهم ومليكهم وأحزانهم على فوت الاغتنام من أوقاتهم وأورادهم. هم الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ولم يأسوا على ما فاتهم، ولم يفرحوا بما آتاهم.
حماهم مليكهم عن التمتع بالدنيا والتبسط فيها لكيلا يبغوا ولا يطغوا، رفضوا الحزن على ما فات، من ذهاب وشتات، والفرح بصاحب نسب إلى بلى ورفات.
• حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا أحمد بن سعيد ثنا عبد الله ابن وهب أخبرني أبو هانئ قال سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة ﴿(ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض﴾ ذلك بأنهم قالوا ﴿لو أن لنا)﴾ فتمنوا الدنيا. رواه حيوة عن أبي هانئ.
• حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن أبي هانئ. قال: سمعت عمرو بن حريث يقول نزلت هذه الآية في أهل الصفة ﴿(ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض)﴾ قال: لأنهم تمنوا الدنيا.
قال الشيخ: زوى الله ﷿ عنهم الدنيا، وقبضها إبقاء عليهم وصونا لهم، لئلا يطغوا. فصاروا في حماه محفوظين من الأثقال، ومحروسين من الأشغال، لا تذهلهم الأموال، ولا تتغير عليهم الأحوال.
• حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسين بن سفيان ثنا عبيد الله بن معاذ ثنا معتمر بن سليمان قال قال أبي ثنا أبو عثمان النهدي أنه حدثه عبد الرحمن ابن أبي بكر: أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء، وأن رسول الله ﷺ قال:«من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، بسادس» أو كما قال. وأن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق نبي الله ﷺ بعشرة، هذا حديث صحيح متفق عليه.
• حدثنا سليمان ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا عمر بن ذر ثنا مجاهد أن أبا هريرة. قال: مر بي رسول الله ﷺ فقال: «أبا هر؟»