قال: وقفت في دار المرزباني حين خربت فعرضت لي فيها بضعة عشر آية ﴿(فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا)﴾ و ﴿(كم تركوا من جنات وعيون)﴾ وما أشبه ذلك، قال: فإني أقرأ إذ خرج علي أسود من ناحيتها فقال: يا عبد الله هذه سخطة مخلوق على مخلوق، فكيف بسخطة الخالق؟ قال: ثم ذهب فأتبعته فلم أر أحدا.
• حدثنا إبراهيم ثنا محمد الجوهري ثنا غسان أبو معاوية الغلابي. قال: كان كلام صالح المري يقطع القلب ولو قلت إني لم أر رجلا محزونا مثله، وما سمعت كلام رجل قط أحسن منه.
• حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ثنا أبي ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ثنا عبد الرحيم بن يحيى الديلمي حدثني عثمان بن عمارة عن صالح المري. قال: قدم علينا ابن السماك مرة. فقال: أرني بعض عجائب عبادكم؟ فذهبت به إلى رجل في بعض الأحياء فى خص له فاستأذنا عليه فدخلنا، فإذا رجل يعمل خوصا له فقرأت ﴿(إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون)﴾ فشهق الرجل شهقة فإذا هو قد يبس مغشيا عليه، فخرجنا من عنده وتركناه على حاله. وذهبنا إلى آخر فاستأذنا عليه. فقال: ادخلوا إن لم تشغلونا عن ربنا، فدخلنا فإذا رجل جالس في مصلى له فقرأت ﴿(ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)﴾ فشهق شهقة فبدر الدم من منخره ثم جعل يتشحط فى دمه حتى يبس، فخرجنا من عنده وتركناه على حاله حتى أدرته على ستة أنفس كل نخرج من عنده وهو على هذه الحالة، ثم أتيت به السابع فاستأذنت فإذا امرأة له من وراء الخص تقول: ادخلوا، فدخلنا فإذا شيخ فان جالس في مصلاه فسلمنا فلم يعقل سلامنا، فقلت بصوت عال: إن للحق غدا مقاما. فقال الشيخ: بين يدى من ويحك؟ ثم بقى مبهوتا فاتحافاه شاخصا بصره يصيح بصوت له ضعيف حتى انقطع. فقالت امرأته اخرجوا عنه فإنكم ليس تنتفعون به الساعة، فلما كان بعد ذلك سألت عن القوم؟ فإذا ثلاثة قد أفاقوا وثلاثة قد لحقوا بالله ﷿ وأما الشيخ فإنه مكث عن ثلاثة أيام على حالته مبهوتا متحيرا لا يؤدي