مالك؟ إن سألت تكثرين، فلم إن أنفقت تقترين؟ أتريدين الحياة؟ ولم تحذرين بتغير الزيادة، ولم تشكرين. تعظمين في الرهبة حين تسألين، وتقصرين في الرغبة حين تعملين، تريدين الآخرة بغير عمل، وتؤخرين التوبة لطول الأمل.
لا تكوني كمن يقال هو في القول مدل، ويستصعب عليه الفعل، بعض بني آدم إن سقم ندم، وإن صح أمن، وإن افتقر حزن، وإن استغنى فتن، وإن نشط زهد، وإن رغب كسل، يرغب قبل أن ينصب، ولا ينصب فيما يرغب. يقول قول الزاهد، ولا يعمل عمل الراغب، يكره الموت لما لا يدع، ويحب الحياة لما لا يصنع. إن سأل أكثر، وإن أنفق قتر، يرجو الحياة ولم يحذر، ويبغي الزيادة ولم يشكر، يبلغ فى الرغبة حين يسأل، ويقصر في الرغبة حين يعمل، يرجو الأجر بغير عمل.
ويح لنا ما أغرنا، ويح لنا ما أغفلنا، ويح لنا ما أجهلنا، ويح لنا لأي شيء خلقنا؟ للجنة أم للنار، ويح لنا أي خطر خطرنا، ويح لنا من أعمال قد أخطرتنا، ويح لنا مما يراد بنا، ويح لنا كأنما يعني غيرنا، ويح لنا إن ختم على أفواهنا، وتكلمت أيدينا، وشهدت أرجلنا. [ويح لنا حين تفتش سرائرنا، ويح لنا حين تشهد أجسادنا، ويح لنا مما قصرنا، لا براءة لنا، ولا عذر عندنا، ويح لنا ما أطول أملنا، ويح لنا حيث نمضى الى خالقا]. (١) ويح لنا ولنا الويل الطويل! إن لم يرحمنا ربنا، فارحمنا يا ربنا.