ويقربون إلي القربان وقد أبعدتهم من نفسي، يذبحون إلي الذبائح التي قد غصبوا عليها خلقي، يصلون فلا تصعد صلاتهم، ويدعونني فلا يعرج إلي دعاؤهم، يخرجون إلى المساجد وفي ثيابهم الغلول، ويسألون رحمتي وهم يقتلون من سأل بي، فلو أنهم أنصفوا المظلوم، وعدلوا باليتيم، وحكموا للأيتام، وتتطهروا من الخطايا، وتركوا المعاصي، ثم سألوني لأعطيتهم ما سألوا، وجعلت جنتي لهم نزلا، وما كان بيني وبينهم رسول. ولكن اجترءوا علي، وظلموا عبادى، فأكل ولى اليتيم ماله، وأكل ولي الأمانة أمانته، وجحدوا الحق ليشترك الأمير ومن تحته، ويرشي الرسول ويشرك من أرسله، فيرشي أمير فيقتدي به من تحته. ويل لهؤلاء القوم، لو قد جاء وعدي بعد، ثم كانوا في الحجارة لتشققت عنهم بكلمتي، ولو قبروا في التراب لنفضت عنهم بطاعتي، ويل للمدن وعمارها، لأسلطن عليهم السباع، أعيد فيها بعد تحية الأعراس صراخ الهام، وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب، وبعد شرف القصور وعول السباع، وبعد ضوء السراج وهج العجاج، ولأبدلن زجالهم بتلاوة القرآن انتهار الأرانب، وبعمارة المساجد كناسة المرابط، وبتاج الملك خفاق الطير، وبالعز الذل، وبالنعمة الجوع، وبالملك العبودية، فقال نبي من أنبيائه - الله أعلم من هو: يا رب من رحمتك أتكلم بين يديك، وهل ينفعني ذلك شيئا؟ وأنا أذل من التراب إنك مخوف هذه القلوب، ومهلك هذه الأمة، وهم ولد خليلك إبراهيم، وأمة صفيك موسى، وقوم نبيك داود، فأي الأمم تجترئ عليك بعد هذه الأمة؟ وأي قرية تعصيك بعد هذه القرية؟ قال الله تعالى: إني لم أستكثر بكثرتهم، ولم أستوحش بهلاكهم، وإنما أكرمت إبراهيم وموسى وداود بطاعتي، ولو عصوني لأنزلتهم منزل العاصين.
• حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن سهل ثنا سلمة بن شبيب ثنا ابراهيم ابن الحكم بن أبان ثنا أبي. قال: كنت جالسا مع عكرمة عند منزل ابن داود - وكان عكرمة نازلا مع ابن داود نحو الساحل - فذكروا الذين يغرقون في