في اللفظِ لا يدلُّ على عدمِ الشرعيةِ، فقولُهُ:"إذا قالَ الإمامُ سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ"، لا يدلُّ على نفي قولهِ:"ربَّنَا ولكَ الحمدُ"، وقولُهُ:"قولُوا: ربَّنا لكَ الحمدُ" لا يدلُّ على نفي قول المؤتمِّ: سمعَ اللهُ لمنْ حمدَهُ، وحديثُ ابن أبي أَوْفَى في حكايتهِ لفعلِهِ - صلى الله عليه وسلم - زيادةٌ، وهي مقبولةٌ، لأنَّ القولَ غيرُ معارضٍ لها، وقد رَوَى ابنُ المنذرِ هذَا القولَ عن عطاءٍ (١)، وابنِ سيرينَ (٢)، وغيرِهما، فلمْ ينفردْ بهِ الشافعي، ويكونُ قولُهُ:"سمعَ اللهُ لمن حمدَهُ" عندَ رفعِ رأسِهِ، وقولُهُ:"ربَّنَا لكَ الحمدُ" عندَ انتصابِهِ.
وقولُهُ:(فصلُّوا قعودًا أجمعينَ) دليل على أنهُ يجبُ متابعةُ الإمامِ في القعودِ لعذرٍ، وأنه يقعدُ المأموم مع قدرته على القيام، وقد ورد تعليلُه بأنه فعل فارس والروم، أي: القيامُ معَ قعودِ الإمامِ؛ فإنهُ قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ كدتُم آنفًا لتفعلونَ فعلَ فارسَ والرومِ، يقومون على ملوكهِم وهم قعودٌ، فلا تفعلُوا"(٣)، وقد ذهبَ إلى [ذلك](٤) أحمدُ بنُ حنبل، وإسحاقُ وغيرُهما (٥) وذهبتِ الهادويةُ (٦)، ومالكٌ (٧)، وغيرُهم إلى أنَّها لا تصح صلاةُ القائمِ خلفَ القاعدِ لا قائمًا ولا قاعِدًا؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تختلِفُوا على إمامِكم ولا تتابعُوه في القعودِ"(٨)، كذا في شرح القاضي، ولم يسندْهُ إلى كتابِ ولا وجدتُ قولَه:"ولا تتابعُوهُ في القعودِ" في حديثٍ، فينظَرُ.
(١) في "الأوسط" لابن المنذر (٣/ ١٦١). (٢) في "الأوسط" لابن المنذر (٣/ ١٦١). (٣) أخرجه مسلم (٨٤/ ٤١٣)، وأبو عوانة (٢/ ١٠٨)، وابن ماجه (١٢٤٠)، وأحمد (٣/ ٣٣٤) من طريق الليث بن سعد وغيره عن أبي الزبير عن جابر، وأخرجه أبو داود (٦٠٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٨٠)، وأحمد (٣/ ٣٠٠) من طريق أبي سفيان عن جابر. بسند صحيح على شرط مسلم. (٤) في (أ): "هذا". (٥) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٤٨ - ٥٠ رقم المسألة ١١٧٩). (٦) انظر: "التاج المذهب" (١/ ١١١). (٧) انظر: "الخَرَشي على مختصر سيدي خليل" (٢/ ٢٤). (٨) لم أقف عليه.