وظاهرُ هذا الحديثِ أن هذا غَايةُ ما كانَ ينتهي إليهِ وضوؤهُ - صلى الله عليه وسلم - وغسلُهُ، ولا ينافيهِ حديثُ عائشةَ الذي أخرجهُ البخاريُّ (١): (أنهُ - صلى الله عليه وسلم - توضأَ مِنْ إِناءٍ واحدٍ يقالُ لهُ: الفَرَقُ) بفتحِ الفاءِ والراءِ، وهوَ إناءٌ يسعُ تسعةَ عشرَ رِطْلًا؛ لأنهُ ليسَ في حديثِهَا أنهُ كانَ ملآنًا ماءً، بلْ قولُها:(منْ إناءٍ)، يدلُّ على تبعيضِ ما توضأَ منهُ.
وحديثُ أنسٍ هَذا، [والحديث](٢) الذي سلفَ عنْ عبدِ اللَّهِ بن زيدٍ، يرشدانِ إلى تقليلِ ماءِ الوضوءِ، والاكتفاءِ باليسيرِ منهُ. وقدْ قالَ البخاريُّ (٣): وَكَرِهَ أَهْلُ العِلمِ فيهِ - أي [في](٤) ماءِ الوضوءِ - أنْ يتجاوزَ فعلَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
ما يُقال بعد الوضوء
٢٤/ ٥٢ - وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُسْبغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ). [صحيح]
(١) أخرج البخاري في (صحيحه) (١/ ٣٦٣) رقم (٢٥٠) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كنتُ أغتسِلُ أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحد، مِنْ قَدَح يقالُ له: الفَرَق). • الفَرَقُ= (٨٢٥٣) غرامًا. (٢) زيادة من النسخة (أ). (٣) في (صحيحه) (١/ ٢٣٢) الباب الأول من كتاب الوضوء. (٤) زيادة من النسخة (أ). (٥) في (صحيحه) (١/ ٢٠٩) رقم (١٧/ ٢٣٤). (٦) في (سننه) (١/ ٧٧) رقم (٥٥). قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ١٤٥ - ١٤٦، ١٥٣)، وأبو عوانة (١/ ٢٢٥)، وأبو داود (١/ ١١٨) رقم (١٦٩)، والنسائي (١/ ٩٢) رقم (١٤٨)، وابن ماجه (١/ ١٥٩) رقم (٤٧٠)، والبيهقي (١/ ٧٨) و (٢/ ٢٨٠) من طرق عن عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب .. ولم يذكر الترمذي في سنده عقبة بن عامر، وأعلَّه الترمذي بالاضطراب وليس كذلك، فإنه أضطراب مرجوح. فالحديث صحيح، واللَّه أعلم.