لهُ فيهِ حاجةٌ مثلَ أنْ يكونَ لهُ غريمٌ في المسجدِ لا يخرجُ إليهِ، ومثلَ أنْ يحاكمَ إلى قاضٍ هوَ في المسجدِ. وقدْ كانَ الكفارُ يدخلونَ مسجدَهُ - صلى الله عليه وسلم - ويطيلونَ فيهِ الجلوسَ. وقدْ أخرجَ أبو داودَ (١) منْ حديثِ أبي هريرةَ: "أن اليهودَ أَتَوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ في المسجدِ". وأما قولُهُ تعالى:{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}(٢)؛ فالمرادُ بهِ لا يُمكَّنونَ منْ حجٍّ ولا عمرةٍ كما وردَ في القصةِ التي بَعَثَ لأجلِها - صلى الله عليه وسلم - بآياتِ براءةَ إلى مكةَ. وقولُهُ:"فلا يحجنَّ بعدَ هذا العامِ مشركٌ"(٣)، وكذلكَ قولُهُ تعالى:{مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}(٤) لا يتمُّ بها دليلٌ على تحريمِ المساجدِ على المشركينَ لأنَّها نزلتْ في حقِّ مَنِ استولى عليْهَا وكانتْ لهُ الحكمةُ والمَنْعَةُ كما وقعَ في سببِ [نزولِ الآيةِ الكريمة](٥)؛ فإنَّها نزلتْ في شأنِ النَّصَارى واستيلائِهمْ على بيتِ المقدسِ، وإلقاءِ الأَذَى فيهِ والأزبالِ، أوْ أنَّها نزلتْ في شأنِ قريشٍ ومَنْعُهُمْ له - صلى الله عليه وسلم - عامَ الحديبيةِ عن العمرةِ. وأما دخولُهُ منْ غيرِ استيلاءِ ومنعٍ وتخريب فلمْ تفدْهُ الآيةُ الكريمةُ، وكأنَّ المصنفَ ساقهُ لبيانِ جوازِ دخول المشركِ المسجدَ، وهوَ مذهبُ إمامهِ فيما عدَا المسجدَ الحرامَ.
(وَعَنْه) أي أبي هريرةَ (أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - مَرَّ بِحَسَانَ)(٧) بالحاءِ المهملةِ مفتوحة
(١) في "السنن" (رقم ٤٨٨): وفيه رجل من مزينة مجهول. وهو حديث ضعيف. (٢) سورة التوبة: الآية ٢٨. (٣) أخرجه البخاري (رقم ٣٦٩)، ومسلم (رقم ٤٣٥/ ١٣٤٧)، وأبو داود (رقم ١٩٤٦)، والنسائي (٥/ ٢٣٤) من حديث أبي هريرة. (٤) سورة البقرة: الآية ١١٤. (٥) في (أ): "النزول". (٦) البخاري (رقم ٣٢١٢)، ومسلم (رقم ١٥١/ ٢٤٨٥). قلت: وأخرجه أبو داود (رقم ٥٠١٤)، والنسائي (٢/ ٤٨ رقم ٧١٦). (٧) انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" (٣/ ٢٩ رقم ١٢٠)، والمعارف (٢/ ١٢٨، ١٤٣)، والمعرفة والتاريخ (١/ ٢٣٥)، و"الجرح والتعديل" (٣/ ٢٣٣ رقم ١٠٢٦)، و"الإصابة" =