منَ الغضب والشدةِ لأمرِ اللَّهِ). وقدْ قالَ تعالَى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}(١). وذكرَ خمسةَ (٢) أحاديثَ في كلِّ منْها غضبُه - صلى الله عليه وسلم - في أسبابٍ مختلفةٍ مرجعه إلى أن كلَّ ذلكَ كانَ لأمرِ اللَّهِ تعالى، وإظهارِ الغضبِ [فيه](٣) منهُ - صلى الله عليه وسلم -، ليكونَ أَوْكَدَ. وقدْ ذكرَ تعالَى في قصة موسَى وغضبِه [لما عُبِدَ العجلُ](٤)، وقال:{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ}(٥).
[الظلم ظلمات يوم القيامة]
٣/ ١٣٩٩ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٦). [صحيح]
(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. مُتفَقٌ عَلَيْهِ). الحديثُ منْ أدلةِ تحريمِ الظلمِ، [وهو قبيح شرعًا وعقلًا](٧)، وهوَ يشملُ جميعَ أنواعِه سواءٌ كانَ في نفسٍ أو مالٍ أو عرضٍ في [حقِّ مؤمنٍ، أو كافرٍ، أو فاسقٍ](٨). والإخبارُ عنهُ بأنهُ ظلماتٌ يومَ القيامةِ فيهِ [ثلاثةُ أقوالٍ](٩): قيلَ هوَ على ظاهرهِ فيكونُ ظلماتٍ على صاحبِه لا يهتدي يومَ القيامةِ سبيلًا حيثُ يسعَى نورُ [المؤمنينَ يومَ القيامةِ](١٠) بينَ أيديهمْ وبأيمانِهم. وقيلَ: إنه أُريدَ بالظلماتِ الشدائدُ، [وبه فُسِّرَ](١١) قولُه تعالَى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}(١٢)، أي: منْ شدائدِهما. وقيل: إنهُ كنايةٌ عن النكالِ والعقوباتِ.
(١) سورة التوبة: الآية ٧٣. (٢) وهذه الأحاديث في "صحيحه" رقم (٦١٠٩ و ٦١١٠ و ٦١١١ و ٦١١٢ و ٦١١٣). (٣) زيادة من (ب). (٤) زيادة من (ب). (٥) سورة الأعراف: الآية ١٥٤. (٦) أخرجه البخاري رقم (٢٤٤٧)، ومسلم رقم (٢٥٧٩). قلت: وأخرجه الترمذي (٢٠٣٠)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر. (٧) زيادة من (أ). (٨) زيادة من (ب). (٩) في (أ): "تأويلات". (١٠) في (أ): "المتقين". (١١) في (أ): "كما". (١٢) سورة الأنعام: الآية ٦٣.