والإفطارِ والأضحيةِ، وقد أخرجَ الترمذيُّ (١) مثلَ هذا الحديثِ عن أَبي هريرةَ، وقالَ: حسنٌ. وفي معناهُ حديث ابن عباسٍ، وقد قالَ لهُ كريبٌ (٢): "إنهُ صامَ أهلُ الشامِ ومعاويةُ برؤيةِ الهلالِ يومَ الجمعةِ بالشامِ، وقدمَ المدينةَ آخرَ الشهرِ وأخبرَ ابن عباسٍ بذلكَ، فقالَ ابنُ عباسٍ: لكنَّا رأيناهُ ليلةَ السبتِ فلا نزالُ نصومُ حتَّى نكملَ ثلاثينَ أو نراهُ، قالَ:[قلتُ](٣): أوَ لا تكتفي برؤيةِ معاويةَ والناسِ؟ قالَ: لا، هكذا أمرَنَا رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ".
وظاهرُ الحديثِ أن كُرَيْبًا ممنْ رآهُ، وأنهُ أمرهُ ابنُ عباسٍ أن يتمَّ صومَهُ، وإنْ كانَ متيقّنًا أنهُ يومُ عيدٍ عندَهُ. وذهبَ إلى هذا محمدُ بنُ الحسنِ، وقالَ: يجبُ موافقةُ الناسِ وإنْ خالفَ يقينَ نفسهِ، وكذا في الحجِّ لأنهُ وردَ:"وعَرَفَتُكم يومَ تعرفونَ". وخالفَهُ الجمهورُ وقالُوا: إنهُ يجبُ عليهِ العملُ في نفسهِ بما تيقنَهُ، وحملُوا الحديثَ على عدمِ معرفتهِ بما يخالفُ الناسَ، فإنَّهُ إذا انكشفَ بعدَ الخطأ [فقد](٤) أجزأهُ ما فعلَ، قالُوا: وتتأخرُ الأيامُ في حقِّ مَنِ التبسَ عليهِ وعملَ بالأصلِ، وتأوّلُوا حديثَ ابن عباسٍ بأنهُ يحتملُ أنهُ لم يقلْ برؤيةِ أهلِ الشامِ لاختلافِ المطالعِ في الشامِ والحجازِ، [أو](٥) أنهُ لما كانَ المخبرُ واحدًا لم يعملْ بشهادتهِ، وليسَ فيهِ أنهُ أمرَ كُرَيْبًا بالعملِ بخلافِ يقينِ نفسهِ، [فإنَّما](٦) أخبرَ عن أهلِ المدينةِ وأنَّهم لا يعملونَ بذلكَ لأحد الأمرين.
قضاءُ صلاة العيد إذا تركت لعذر
٢/ ٤٥٤ - وَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنهما - عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ (٧)، وَأَبُو دَاوُدَ (٨) - وَهَذَا لَفْظُهُ - وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. [صحيح]
(١) في "السنن" (٣/ ٨٠ رقم ٦٩٧) كما تقدَّم أعلاه، (٢) أخرجه مسلم (٢٨/ ١٠٨٧)، وأحمد (١/ ٣٠٦)، وأبو داود (٢٣٣٢)، والترمذي (٦٩٣)، والنسائي (٤/ ١٣١). (٣) في (أ): "فقلت". (٤) زيادة من (ب). (٥) في (أ): "و". (٦) في (أ): "فإنه إنما". (٧) في "المسند" (٥/ ٥٨). (٨) في "السنن" (١/ ٦٨٤ رقم ١١٥٧).