يستحقونَ لأخبرَهم بذلكَ ولم يردَّ عليهمْ. وأما كيفيةُ الإشارةِ ففي المسندِ (١) منْ حديثِ صهيبٍ قالَ: "مررتُ برسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يصلِّي فسلَّمتُ عليهِ فردّ عليَّ إشارةً"، قالَ الراوي: لا أعلمهُ إلَّا قالَ: "إشارةً بأصبُعِهِ". وفي حديثِ ابن عمرَ (٢) في وصفهِ لردهِ - صلى الله عليه وسلم - السلامَ على الأنصارِ "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ هكذَا، وبسطَ جعفرُ بنُ عونٍ - الراوي عن ابن عمرَ - كفَّهُ وجعلَ بطنَه أسفلَ، [وجعلَ](٣) ظهرَهُ إلى فوقٍ"، فتحصلُ منْ هذَا أنه [يجيب المصلي بالإشارة إما برأسه، أو بيديه، أو بإصبعه، والظاهر أنه واجب لأن الرد بالقول](٣) واجبٌ وقدْ تعذرَ في الصلاةِ فبقيَ الردُّ بأيِّ ممكنٍ، وقدْ أمكنَ بالإشارةِ وجعلَهُ الشارعُ ردًا، وسماهُ الصحابةُ ردًا، ودخلَ تحتَ قولهِ تعالَى:{أَوْ رُدُّوهَا}. وأما حديثُ أبي هريرةَ أنهُ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أشارَ في الصلاةِ إشارةً تفهمُ عنهُ فليُعِدْ صلاتَه" ذكرهُ الدارقطنيُّ (٤)، فهوَ حديثٌ باطلٌ، لأنهُ منْ روايةِ أبي غطفانَ عنْ أبي هريرةَ، وهوَ رجلٌ مجهولٌ.
[حمل الصبيان في الصلاة وطهارة ثيابهم وأبدانهم]
٢١/ ٢١٣ - وَعَنْ أَبِي قَتَادَة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَهُوَ
(١) (٤/ ٣٣٢). قلت: وأخرجه الترمذي (٣٦٧)، والنسائي (٣/ ٥ رقم ١١٨٦)، وأبو داود (٩٢٥)، والبيهقي (٢/ ٢٥٨)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٥٤) وغيرهم. وهو حديث حسن بشواهده، وقد صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود. (٢) تقدم تخريجه رقم (٢٠/ ٢١٢). (٣) زيادة من (ب). (٤) في "السنن" (٢/ ٨٣ رقم ٢). قلت: وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/ ٤٢٧ رقم ٧٢٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٥٣). وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابن إسحاق مجروح، وأبو غطفان مجهول. قلت: ابن إسحاق ثقة إلا أنه مدلس وقد عنعن. وقال الدارقطني: "قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان هذا رجل مجهول، وآخر الحديث زيادة في الحديث. ولعله من قول ابن إسحاق. والصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشير في الصلاة - كما تقدم في الأحاديث السابقة - " اهـ. وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف جدًّا. وانظر: "نصب الراية" للزيلعي (٢/ ٩٠ - ٩١).