[وصدرًا](١) من خلافةِ عمرَ"، زادَ في روايةٍ عندَ البيهقي (٢): "قال عروةُ: فأخبرني عبدُ الرحمنِ القاري أن عمرَ بنَ الخطابِ خرجَ ليلةً فطاف في رمضان في المسجدِ وأهلُ المسجدِ أوزاعٌ متفرقونَ يصلِّي الرجلُ لنفسهِ ويصلِّي الرجلُ فيصلِّي بصلاتهِ الرهطُ، فقالَ عمر: واللَّهِ لأظنُّ لو جَمَعْنَاهُمْ على قارئٍ واحد [لكان أمثلَ، فعزمَ عمرُ على أنْ يجمعهُمْ على قارئٍ واحدٍ](٣)، فأمرَ أبيَّ بن كعب أنْ يقومَ بهم في رمضانَ فخرجَ عمرُ والناسُ يصلّونَ بصلاتهِ، فقال عمرُ:"نِعْمَ البدعةُ هذهِ". وساقَ البيهقيُّ في السننِ (٤) عدة رواياتٍ في هذا المعنَى. إذا عرفتَ هذا عرفت أن عمرَ هو الذي جعلها جماعة وسمّاها بدعةً. وأمّا قولُه:"ونِعْمَ البِدعةُ"، فليسَ في البدعة ما يمدحُ بل كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ (٥).
واعلمْ أنهُ يتعينُ حملُ قولهِ:"بدعةٌ" على جمعهِ لهم على معيَّنٍ وإلزامِهم بذلكَ (٦)، لا أنهُ أرادَ أن الجماعةَ بدعةٌ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد جمَعَ بهم كما عرفتَ.
[عدد ركعات القيام في رمضان]
وأمَّا الكميَّةُ - وهي جعلُها عشرينَ ركعةً - فليسَ فيهِ حديث مرفوعُ إلَّا ما رَوَاهُ عبدُ بنُ حميدٍ (٧)، والطبرانيُّ (٨) منْ طريقِ أبي شيبةَ إبراهيمَ بن عثمانَ، عن
(١) في (أ): "صدر"، والصواب ما في (ب). (٢) في "السنن الكبرى" (٢/ ٤٩٣). (٣) زيادة من (أ). (٤) (٢/ ٤٩٣ - ٤٩٤). (٥) ويقول ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص ٢٧٦): " … أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية، لا تسمية شرعية. وذلك: أن "البدعة" في اللغة تعمّ كل ما فعل ابتداء من غير سابق، وأما البدعة الشرعية: فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي … " اهـ. (٦) انظر كتابنا: "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة"، الفائدة الرابعة: "البدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة". (٧) في "المنتخب" (ص ٢١٨ رقم ٦٥٣). (٨) في "الكبير والأوسط" - كما في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٧٢)، وقال الهيثمي: "وفيه أبو شيبة إبراهيم، وهو ضعيف" اهـ. قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/ ٣٩٤)، والبيهقي (٢/ ٤٩٦)، والخطيب في "الموضح" (١/ ٣٨٢)، وابن عدي في "الكامل" (١/ ٢٤٠).=