فائدةٌ: أجمعَ العلماءُ على جوازِ التضحيةِ منْ جميعِ بهيمةِ الأنعام، وإنَّما اختلفُوا في الأفضلِ. والظاهرُ أن الغنَم في التضحية أفضلُ لفعلِه (١) - صلى الله عليه وسلم - وَأمْرِهِ (٢)، وإنْ كانَ يحتملُ أن ذلكَ لأنَّها المتيسرةُ لهمْ، ثمَّ الإجماعُ أنهُ لا يجوزُ التضحيةُ بغيرِ بهيمةِ الأنعامِ (٣) إلَّا ما حُكِيَ عن الحسنِ بن صالحِ [أنَّها تجوزُ](٤) التضحيةُ ببقرةِ الوحشِ عنْ عشرةٍ، والظبي عنْ واحدٍ (٥)، وما رُوِيَ عنْ أسماءَ أنَّها قالتْ: ضحَّينا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالخيلِ، وما رُوِيَ عنْ أبي هريرةَ أنهُ ضحَّى بديكٍ.
[لا يعطي الجزار من الأضحية]
٨/ ١٢٧٣ - وَعَنْ عَليِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَمَرَني رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
= قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يحتجا بحجية بن عدي، وهو من كبار أصحاب أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -، ووافقه الذهبي. قلت: وسنده صالح في المتابعات، وحجية بن عدي، يروي عن علي، روى عنه سلمة بن كهل، وذكره ابن حبان في الثقات (٤/ ١٩٢)، ووثقه العجلي رقم (٢٦١). والخلاصة: أن الحديث حسن، واللهُ أعلم. (١) كما في الحديث رقم (١/ ١٢٦٥) من كتابنا هذا. (٢) يشير المؤلف - رحمه الله - إلى الحديث الضعيف الذي أخرجه أبو داود (٣/ ٥٠٩ رقم ٣١٥٦)، والحاكم (٤/ ٢٢٨)، والبيهقي (٩/ ٢٧٣). من حديث عبادة بن الصامت. بلفظ: "خيرُ الأضحية الكبش الأقرنُ". • ومعلوم أن الحديث الضعيف لا تثبت بها الأحكام ولا فضائل الأعمال. (٣) اتفق العلماء على أن الأضحية لا تصح إلا من نعم: إبل وبقر (ومنها الجاموس)، وغنم (ومنها المعز) بسائر أنواعها، فيشمل الذكر والأنثى، والخصي والفحل، فلا يجزئ غير النعم من بقر الوحش وغيره، والظباء وغيرها، لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨]، ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه التضحية بغيرها، ولأن التضحية عبادة تتعلق بالحيوان فتختص بالنَّعَم كالزكاة. [انظر: "البدائع" (٥/ ٦٩)، و "بداية المجتهد" (٢/ ٤٣٥)، و "مغني المحتاج" (٤/ ٢٨٤)، و "المغني" (٨/ ٦١٩)]. (٤) في (أ): "إنه يجوز". (٥) ذكر ذلك ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد" (٢/ ٤٣٥) بتحقيقي.