قالَ القاضي عياضٌ (٤): ذهبَ الجمهورُ إلى أن الأمَّ تُفَضَّلُ على الأب في البرِّ، ونقلَ الحارثُ المحاسبيُّ الإجماعَ على هذَا. واختلفُوا في الأخِ والجدَ مَنْ أحقُّ ببرِّه منْهما؟ [فقالَ](٥) القاضي (٦): الأكثرُ الجدُّ، [وبه جزم الشافعي](٧). ويقدَّم من أدلى بسببين على من أدلى بسببٍ، ثم القرابةُ منْ ذوي الرحمِ، ويقدَّم منْهم المحارِمُ على مَنْ ليسَ بمحرَمٍ، ثم العصباتُ، ثمَّ المصاهرةُ، ثم الولاءُ، ثم الجارُ. وأشارَ ابنُ بطالٍ إلى أن الترتيبَ حيثُ لا يمكنُ البرُّ دفعةً واحدةً. ووردَ في تقديمِ الزوجِ ما أخرجهَ أحمدُ والنسائيُّ، وصحَّحُه الحاكمُ منْ حديثِ عائشةَ: "سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناسِ أعظمُ حقًّا على المرأةِ؟ قالَ: زوجُها، قلتُ: فعلَى الرجلِ؟ قالَ: أُمُّه". ولعلَّ مثلَ هذا مخصوصٌ بما إذا حصلَ التضررُ مع الوالدين؛ فإنهُ يقدَّمُ حقهما على حقِّ الزوجِ جَمْعًا بينَ الأحاديثِ.
حق الجار أن يحبَّ له ما يحب لنفسه
٥/ ١٣٧٦ - وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمِنُ عَبْدٌ حتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٨). [صحيح]
(وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتى يُحِبَّ لِجَارِهِ - أو لأخيه - مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). الحديثُ وقعَ في لفظِ مسلمِ بالشكِّ
(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٠٢) (٢) سورة الأحقاف: الآية ١٥. (٣) سورة لقمان: الآية ١٤. (٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٠٢). (٥) في (أ): "قال". (٦) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٤٠٢). (٧) في (ب): "جزم به الشافعية". (٨) البخاري رقم (١٣)، ومسلم رقم (٧١/ ٤٥).