في [خطبته](١) إذا عرضَ لهُ أمرٌ، أو نهيٌ كما أمرَ الداخلَ - وهو يخطبُ - أن يصلِّيَ ركعتينِ، ويذكرُ معالمَ الشرائعِ في الخطبةِ، والجنةَ، والنارَ، والمعادَ، ويأمرُ بتقوى اللَّهِ، ويحذرُ من غضبه، ويرغِّبُ في موجباتِ رضاهُ، وقد وردَ قراءةُ آيةٍ في حديثِ مسلمٍ (٢): "كانَ لرسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خطبتانِ يجلسُ بينَهما يقرأُ القرآنَ، ويذكِّرُ الناسَ ويحذرُ"، وظاهرُه محافظتُه - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرَ في الخطبةِ، ووجوبُ ذلكَ؛ لأنَّ فعلَه بيانٌ لما أُجْمِلَ في آيةِ الجمعةِ. وقد قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي"(٣)، وقد ذهبَ إلى هذا الشافعيُّ، وقالتِ الهادويةُ: لا يجبُ في الخطبةِ إلَّا الحمدُ والصلاةُ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الخطبتينِ جميعًا، وقالَ أبو حنيفةَ: يكفي سبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلهَ إِلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكبرُ. وقالَ مالكٌ: لا يجزي إلَّا ما يسمَّى خطبة (٤).
[تطويل الصلاة وتقصير الخطبة علامة فقه الرجل]
٨/ ٤٢١ - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). [صحيح]
(وعن عمَّارِ بن ياسرٍ - رضي الله عنه - قالَ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: إنَّ طولَ صلاةِ الرجلِ وقِصَرَ خطبتهِ مَئِنَّةٌ) بفتحِ الميمِ، ثمَّ همزةٌ مكسورةٌ، ثمَّ نونٌ مشددةٌ، أي: علامةٌ (من فقههِ) أي: مما يعرفُ بهِ فقهُ الرجلِ، وكلُّ شيءٍ دلَّ على شيءٍ فهو مئنةٌ لهُ، (رواهُ مسلمٌ).
(١) في (أ): "خطبه". (٢) في "صحيحه" (٢/ ٥٨٩ رقم ٣٤/ ٨٦٢) من حديث جابر بن سَمُرَة. (٣) تقدم قريبًا، وهو حديث صحيح. (٤) انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته" للزحيلي (٢/ ٢٨٥ - ٢٩٠). (٥) في "صحيحه" (٢/ ٥٩٤ رقم ٤٧/ ٨٦٩). قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ٢٦٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٠٨)، والحاكم (٣/ ٣٩٣)، وابن خزيمة (٣/ ١٤٢ رقم ١٧٨٢).