(وعنهُ) أي: أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: (أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: إذا انتصفَ شعبانُ فلا تصومُوا. رواهُ الخمسةُ، واستنكرَهُ أحمدُ) وصحَّحهُ ابنُ حبانَ وغيرُه (١)، وإنَّما استنكرهُ أحمدُ لأنهُ منْ روايةِ العلاء بن عبدِ الرحمن.
قلتُ: وهوَ منْ رجالِ مسلمٍ (٢). قالَ المصنفُ في التقريبِ (٣): إنهُ صدوقٌ وربَّما وَهِمَ، والحديثُ دليلٌ على [أنّ](٤) النَّهي عن الصومِ في شعبانَ بعدَ انتصافِه ولكنَّهُ مُقَيَّدٌ بحديثِ: "إلَّا أن يوافقَ صوْمًا معتَادًا" كما تقدَّمَ (٥). واختلفَ العلماءُ في ذلكَ فذهبَ كثيرٌ منَ الشافعيةِ (٦) إلى تحريمه لهذا النَّهْي، وقيلَ: إنهُ يكرهُ إلَّا قبلَ رمضانَ بيومِ أو يومينِ فإنهُ محرَّمٌ. وقيلَ: لا يكرهُ، وقيلَ: إنهُ مندوبٌ، وأنَّ الحديثَ مُؤَوَّلٌ بمنْ يُضْعِفُهُ الصومُ، وكأنَّهم استدلُّوا بحديثِ:"أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصلُ شعبانَ برمضانَ"(٧)، ولا يخْفى [أنه](٨) إذا تعارضَ القولَ والفعلُ كانَ القولُ مقدَّمًا.
[النهي عن إفراد يوم السبت بصيام]
١٣/ ٦٤٩ - وَعَنِ الصَّمّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ - رضي الله عنها - أن رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا
= "المصنف" رقم (٧٣٢٥)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٢١) والدارمي (٢/ ١٧) والبيهقي (٤/ ٢٠٩) من طرق. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال أبو داود: وكان عبد الرحمن لا يُحدث به، قلت لأحمد: لِمَ؟ قال: لأنه كان عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَصِلُ شعبان برمضان، وقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خِلافه. قال أبو داود: وليس هذا عندي خلافه، ولم يجئ به غير العلاء عن أبيه. وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم، (١) ابن حبان في "الإحسان" (رقم: ٣٥٨٩)، والترمذي في "السنن" (٧٣٨) كما تقدم. (٢) انظر: "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه (٢/ ٦٣ رقم ١١٥٨). (٣) (٢/ ٩٢ رقم ٨٢٦). (٤) زيادة من (أ). (٥) رقم (١/ ٦١٠) من كتابنا هذا. (٦) انظر: "الفقه الإسلامي وأدلته" (٢/ ٥٨٣). (٧) أخرجه أبو داود (٢٣٣٦)، والترمذي (٧٣٦)، والنسائي (٤/ ٢٠٠) وابن ماجه (١٦٤٨) وأحمد (٦/ ٣١١) من حديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان يصله برمضان". وهو حديث صحيح. (٨) زيادة من (ب).