في كتاب اللَّهِ، قالَ: وأينَ ذلكَ منْ كتاب اللَّهِ عزَّ وجلَّ؟ قال: قالَ اللَّهُ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}(١) قالَ: فلمَّا خلقَ اللَّهُ آدمَ مسحَ ظهرَه فأخرجَ ذريَّتَه منْ صلْبه، فقرَّرَهم أنهُ الربُّ وهمُ العبيدُ، ثمَّ كتبَ ميثاقَهم في رَقٍّ، وكانَ لهذا الحجرِ عينانِ ولسانٌ فقالَ لهُ: افتحْ فاكَ فألقمَه ذلكَ الرقَّ، وجعلَه في هذَا الموضعِ وقالَ:[تشهدُ](٢) لمنْ وافاكَ بالإيمان يومَ القيامةِ. قالَ الراوي: فقال عمرُ: أعوذُ باللَّهِ أنْ أعيشَ في قومٍ لستَ فيهم يا أبا الحسنِ". قالَ الطبريُّ: إنَّما قالَ ذلكَ عمرُ لأنَّ الناسَ كانُوا حديثي عهدٍ بعبادةِ الأصنامِ فخشيَ عمرُ [أن يفهمُوا](٣) أن تقبيل الحجرِ منْ بابِ تعظيمِ بعضِ الأحجارِ كما كانتِ العربُ تفعلُ في الجاهليةِ، فأراد عمرُ أن يعلمَّ الناسَ أن استلامُه اتباعٌ لفعلِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، لا لأنَّ الحجرَ ينفعُ ويضرُّ [لذاته](٤) كما كانت الجاهليةُ تعتقدُه في الأوثان.
[استلام الحجر بآلة إذا تعذر باليد وتقبيلها]
١١/ ٧٠٥ - وَعَنْ أَبي الطُّفَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ، ويَقُبِّلُ الْمِحْجَنَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). [صحيح]
(وعنْ أبي الطفيلِ قالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يطوفُ بالبيتِ ويستلمُ الركنَ بمحجن)، هي عَصَا محنيةَ الرأسِ (معهُ، ويقبِّلُ المحجنَ. رواهُ مسلمٌ)، وأخرجَ الترمذيُّ (٦) وغيرُه، وحسَّنَهُ منْ حديثٍ ابن عباسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي هذا الحجرُ يومَ القيامةِ لهُ عينانِ يبصرُ بِهِما، ولسانٌ ينطقُ بهِ يشهدُ لمنِ استلمهَ بحقٍّ". ورَوَى الأزرقيُّ (٧) بإسناد صحيحٍ [منْ](٨) حديثٍ ابن عباسٍ "قالَ: إنَّ هذَا
(١) سورة الأعراف: الآية ١٧٢. (٢) في النسخة (أ): "أشهد". (٣) زيادة من النسخة (ب). (٤) في النسخة (ب): "بذاته". (٥) في "صحيحه" (١٢٧٥). قلت: وأخرجه أبو داود (١٨٧٩)، وابن ماجه (٢٩٤٩). (٦) في "السنن" (٩٦١) وقال: هذا حديث حسن. (٧) للأزرقي كتاب "أخبار مكة وما جاء فيها من آثار" محشو بكثير من الأخبار الملفَّقة والخرافات الموضوعة، فتنبَّه. (٨) في النسخة (أ): "عن".