١٢/ ١٤٠٨ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - أن رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ:"لَا تَغْضَبْ"، فَرَدَّدَ مِرَارًا، وَقَالَ:"لَا تَغْضَبْ"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (١). [صحيح]
(وعَنْهُ) أي أبي هريرةَ (أن رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أوَصْنِي، قَالَ: لَا تَغضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ). جاءَ في روايةِ أحمدَ تفسيرُه بأنهُ جاريةُ بالجيمِ ابنُ قدامةَ، وجاءَ في حديثٍ [آخر](٢) أنهُ سفيانُ بنُ عبدِ اللَّهِ الثقفيُّ قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، قلْ لي قولًا أنتفعُ بهِ وأقْلِلْ، قالَ:"لا تغضبْ، ولكَ الجنةُ". ووردَ عنْ آخرينَ منَ الصحابةِ (٣) مثلُ ذلكَ. والحديثُ نهيٌ عن الغضبِ، وهوَ كما قالَ الخطابي (٤) نهيٌ عن اجتنابِ أسبابِ الغضبِ، [وعدم](٥) التعرضِ لما يجلبهُ. وأما نفسُ الغضبِ فلا يتأتى النَّهْيُ عنهُ لأنهُ أمرٌ جِبِلِّيٌّ. وقالَ غيرُه: وقعَ النهيُ [عمَّا](٦) كانَ من قبيلِ ما يكتسَبُ فيدفعُه بالرياضةِ. وقيلَ:[هوَ](٧) نهيٌ عما ينشأُ عنهُ الغضبُ وهوَ الكِبْرُ لكونِه يقعُ عندَ مخالفةِ أمرٍ يريدُه فيحملُه الكبرُ علَى الغضبِ، والذي يتواضعُ حتَّى [تذهبَ](٨) عنهُ عِزَّةُ النفسِ يسلَمُ منْ شرِّ الغضبِ، وقيلَ: معناهُ لا تفعلْ ما يأمرُكَ بهِ الغضبُ. قيلَ: وإنَّما اقتصرَ - صلى الله عليه وسلم - على هذهِ اللفظة لأنَّ السائلَ كانَ غضُوبًا، وكانَ - صلى الله عليه وسلم - يفتي كلَّ أحدٍ بما هوَ أَوْلَى بهِ.
(١) في "صحيحه" رقم (٦١١٦). (٢) زيادة من (أ). (٣) (منها): ما أخرج أحمد (٥/ ٣٧٣) عن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رجل: يا رسول الله أوصني، قال: "لا تغضب". قال: ففكرت حين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٦٩)، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. والخلاصة: أن الحديث حسن. (ومنها): ما أخرج أحمد (٢/ ١٧٥) عن ابن عمرو - رضي الله عنهما - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يباعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: "لا تغضب". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٦٩) وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة وهو لين الحديث، وبقية رجاله ثقات. والخلاصة: أن الحديث حسن. (٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٥٢٠). (٥) زيادة من (ب). (٦) في (أ): "كما". (٧) في (أ): "هي". (٨) في (أ): "يذهب".