ويحسنُ التكتمُ بها صونًا للعبادِ عنْ إثمِهم بإساءةِ الظنِّ بهِ.
(ولمسلمٍ) أي: عن ابن عمرَ (فإنْ أغميَ عليكمْ فاقدُرُوا له ثلاثينَ. وللبخاريِّ) أي: عن ابن عمرَ (فأكملُوا العدةَ ثلاثينَ)، قولُه: فاقُدُروا لهُ هوَ أمرٌ همزتُه همزةُ وصلٍ، وتكسرُ الدالُ وتضمُّ. وقيلَ: الضمُّ خطأٌ. وفسَّرَ المرادَ بهِ [بقوله] (١): فاقُدُروا له ثلاثينَ، [قوله: فأكملوا] (٢) العدةَ ثلاثينَ، والمعنى أفطِرُوْا يومَ الثلاثينَ، واحْسِبُوا تمامَ الشّهرِ، وهذا أحسنُ تفاسيرِهِ، وفيهِ تفاسيرُ أُخَرُ نقلَها الشارحُ خارجةً عنْ ظاهرِ المرادِ منَ الحديثِ. قالَ ابنُ بطالٍ: في الحديثِ دفعٌ لمراعاةِ المنجِّمينَ، وإنَّما المعوَّلُ عليهِ رؤيةُ الأهلةِ وقدْ نُهِينَا عن التكلفِ. وقدْ قالَ الباجي في الردِّ على مَن قال: يجوزُ للحاسبِ والمُنَجِّمِ وغيرِهما الصومُ والإفطارُ اعتمادًا على النجومِ: إنَّ إجماعَ السلفِ حجةٌ عليهمْ. وقالَ ابنُ بُريرةَ: هوَ مذهبٌ باطلٌ قدْ نهتِ الشريعةُ في الخوضِ في علمِ النجومِ، لأنَّها حدسٌ وتخمينٌ ليسَ فيها قطعٌ. قالَ الشارحُ: قلتُ: والجوابُ الواضحُ عليهمْ ما أخرجهُ البخاريُّ عن ابن عمرَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّا أمةٌ أميَّةٌ لا نكتبُ ولا نحسبُ، الشهرُ هكَذَا وهكَذَا، يعني تسعًا وعشرينَ مرةً، وثلاثينَ مرة".
٤/ ٦١٣ - وَلَهُ (٣) في حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ: "فَكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ". [صحيح]
(ولهُ) أي: البخاريّ (في حديثِ أبي هريرةَ: فأكملُوا عدةَ شعبانَ ثلاثينَ)، هوَ تصريحٌ بمفادِ الأمرِ بالصَّومِ لرؤيته، فإنْ غُمَّ فأكملُوا العدةَ، أي: عدةَ شعبانَ. وهذهِ الأحاديثُ نصوصٌ في أنهُ لا صومَ ولا إفطارَ إلا بالرؤيةِ للهلالِ، أو إكمالِ العدةِ.
[[دليل العمل بخبر الواحد في الصوم]]
٥/ ٦١٤ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: تَرَاءَى النّاسُ الهِلالَ، فأخْبَرْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصيَامِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٤)، وَصَحّحَهُ
(١) في (ب): "قوله".(٢) في (ب): "وأكملوا".(٣) في صحيح البخاري (١٩٠٩).(٤) في "السنن" (٢٣٤٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute