والحديثُ يفيدُ ما أفادهُ الأولُ، واختُلِفَ في عدمِ الاستنزاهِ: هلْ هوَ منَ الكبائرِ أوْ منَ الصغائرِ؛ وسببُ الاختلافِ حديثُ صاحبي القبرينِ، فإنَّ فيهِ:"وما يعذَّبانِ في كبيرٍ، بلى إنهُ لكبيرٌ"، بعدَ أنْ ذكرَ أنهُ أحدُهما عذِّبَ بسببِ عدمِ الاستبراءِ منَ البولِ، فقيلَ: إن نفيهُ - صلى الله عليه وسلم - كبَر ما يعذَّبانِ فيهِ، يدلُّ على أَنهُ مِنَ الصغائرِ، وردَّ هذا بأنَّ قولَه:"بلى إنهُ لكبيرٌ" يردُّ هذَا. وقيلَ: "بلْ] (١) أرادَ أنهُ ليسَ بكبيرٍ في اعتقادِهما، أو في اعتقاد المخاطبينَ، وهوَ عندَ اللَّهِ كبيرٌ. وقيلَ: ليسَ بكبيرٍ [في مشقةِ](٢) الاحترازِ، وجزمَ بهذَا البغويُّ (٣) ورجَّحهُ ابنُ دقيقِ العيدِ (٤)، وقيلَ غيرُ ذلكَ، وعلى هذا فهوَ منَ الكبائرِ (٥).
يجلس لقضاء الحاجة معتمدًا على اليسرى
١٩/ ٩٦ - وَعَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في الْخَلاءِ أنْ نَقْعُدَ عَلَى الْيُسْرَى، وَنَنْصِبَ الْيمْنَى. [ضعيف]
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ (٦).
[ترجمة سراقة بن مالك]
(وعنْ سُرَاقَةَ)(٧) - رضي الله عنه - بضمّ السينِ المهملةِ، وبعدَ الراءِ قافٌ.
هوَ أبو سفيانَ سراقةُ (ابنُ مالكٍ) ابنُ جُعْشُمٍ بضمِ الجيمِ، وسكونِ المهملةِ، وضمِّ الشينِ المعجمةِ، وهوَ الذي ساختْ قوائمُ فرسهِ لما لحقَ برسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ خرجَ فارًّا منْ مكةَ، والقصةُ مشهورةٌ. قالَ سراقة في ذلكَ يخاطبُ أبا جهلَ:
(١) زيادة من (ب). (٢) في (أ): "لمشقة". (٣) في "شرح السنة" (١/ ٣٧١). (٤) في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (١/ ٦٢). (٥) وقد أورده الذهبي في "كتاب الكبائر" (ص ١٠٤ - ١٠٥) الكبيرة الحادية والثلاثون. (٦) في "السنن الكبرى" (١/ ٩٦). وقال الحازمي: في "سنده" من لا نعرفه ولا نعلم في الباب غيره. (٧) انظر ترجمته في: "الإصابة" (٤/ ١٢٦ رقم ٣١٠٩)، و"الاستيعاب" (٤/ ١٣١ رقم ٩١٦)، و"أسد الغابة" (٢/ ٢٦٤ - ٢٦٦).