أحدَهما: أنْ يعدَّها حتَّى يستوفيَها، بمعنَى أنْ لا يقتصرَ على بعضِها، فيدعُو اللَّهَ تعالى بها كلِّها، [ويثني](١) عليهِ بجميعِها، [فيستوجبُ](٢) الموعودَ عليه منَ الثوابِ.
وثالثُها: الإحاطةُ بمعانيها، وقيلَ: أحصَاها عملَ بها، فإذا قالَ: الحكيمُ، سلَّمَ لجميعِ أوامرهِ، لأنَّ جميعَها على الحكمةِ، وإذا قالَ: القدُوسُ، استحضرَ كونَه مقدَّسًا منزَّهًا عنْ جميعِ النقائصِ [ومنزهًا عن الظلم وعن الرضا بالقبائح وسائر المعاصي](٣)، واختارَهُ أبو الوفاءِ بنُ عقيلٍ.
وقالَ ابنُ بطالٍ: هو أن ما كانَ يسوغُ الاقتداءَ بهِ فيها كالرحيمِ والكريم فيمرِّنُ العبدُ نفسَه على أنْ يصحَّ لهُ الاتصافُ بها، وما كانَ يختص [بهِ نفسَهُ](٤) كالجبارِ والعظيمِ، فعلَى العبدِ الإقرارُ بها، والخضوع لها، وعدمُ التحلِّي بصفةٍ منْها، وما كانَ فيهِ معنَى الوعدِ يقفُ فيهِ عندَ الطمع والرغبةِ، وما كانَ فيهِ معنَى الوعيدِ يقفُ منهُ عندَ الخشيةِ والرهبةِ، ويؤيدُ هذَا أن حِفْظَها لفظًا منْ دونِ اتصافٍ كحفظِ القرآنِ منْ دونِ عملٍ لا ينفعُ كما جاءَ:"يقرأونَ القرآنَ لا يجاوزُ حناجرَهم"(٥)، ولكنَّ هذا الذي ذكره لا يمنعُ منْ ثوابِ منْ قرأَها سرْدًا، وإنْ كانَ
= • وقد أوضح الأمير في البحث الأول (ق: ٦ ب - ق: ١٧ ب] هذا الموضوع. (١) في (أ): "وتثني". (٢) في (أ): "فتستوجب". (٣) زيادة من (أ). (٤) في (أ): "باللهِ تعالى". (٥) أخرجه البخاري رقم (٣٣٤٤) وأطرافه (٣٦١٠، ٤٣٥١، ٤٦٦٧، ٥٠٥٨، ٦١٦٣، ٦٩٣١، ٦٩٣٣، ٧٤٣٢، ٥٧٦٢). ومسلم رقم (١٠٦٤)، وأبو داود رقم (٤٧٦٤)، والنسائي (٥/ ٨٧ رقم ٢٥٧٨) كلهم من حديث أبي سعيد الخدري.