وقالَ ابنُ بطال: إنَّما طلبَ منهُ ثوبًا غيرَها ليُعْلِمَهُ أنهُ لم يردَّ [عليه](١) هديتَه استخفافًا به.
وفي الحديث دليلٌ على كراهةِ ما يشغلُ [المصلي](٢) عن الصلاةِ منَ النقوش [ونحوها](٣) مما يشغلُ القلبَ، وفيهِ مبادرتُهُ - صلى الله عليه وسلم - إلى صيانةِ الصلاةِ عمَّا يلهي، وإزالةُ ما يشغلُ عن الإقبالِ عليْها. قالَ الطيبي: فيهِ إيذانٌ بأنَّ للصورِ والأشياءِ الظاهرةِ تأثيرًا في القلوبِ الطاهرةِ والنفوسِ الزكيةِ فضلًا عما دونَها. وفيهِ كراهةُ الصلاةِ على المفارشِ والسجاجيدِ المنقوشةِ، وكراهةِ نقشِ المساجدِ ونحوِهِ.
[النهي عن رفع البصر في الصلاة]
١٠/ ٢٣٣ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لِيَنْتَهِينَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّماءِ في الصَّلاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيهِمْ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٤). [صحيح]
(وَعَنْ جَابرِ بْنِ سَمرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لِيَنْتَهِينَّ)[بكسرِ](٥) اللامِ وفتحِ المثناةِ التحتيةِ وسكونِ النونِ وفتحِ المثناةِ الفوقيةِ وكسرِ الهاء، (أقوَامٌ يَرفَعونَ أَبْصَارَهمْ إِلَي السَّماءِ في الصّلاةِ) أي: إلى [ما فوقهم](٦) مطلقًا (أَوْ لَا تَرجِعُ إِلَيْهِمْ. رَوَاه مُسْلِمٌ).
قالَ النوويُّ في شرحِ مسلم (٧): فيهِ النهيُ الأكيدُ والوعيدُ الشديدُ في ذلكَ، وقدْ نقلَ الإجماعُ على ذلكَ. والنهيُ يفيدُ تحريمهُ. وقالَ ابنُ حزمٍ: تبطلُ بهِ الصلاةُ. قالَ القاضي عياضُ: واختلفُوا في غيرِ الصلاةِ في الدعاءِ، فكرهَهُ قومٌ وجَوَّزهُ الأكثرونَ.
= كما روى مالك في "الموطأ (٢) عن عائشة قالت: "أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة لها أعلام". (١) زيادة من (ب). (٢) زيادة من (أ). (٣) في (أ): "وغيرها". (٤) في "صحيحه" (رقم ١١٧/ ٤٢٨). قلت: وأخرجه أحمد (٥/ ١٠٨)، وابن ماجه (رقم ١٠٤٥)، والبيهقي (٢/ ٢٨٣)، والطبراني في "الكبير" (٢/ ٢٠١ - ٢٠٢ رقم ١٨١٧ و ١٨١٨ و ١٨١٩ و ١٨٢٠ و ١٨٢١). (٥) في (ب): "بفتح". (٦) في (أ): "ما فوقه". (٧) (٤/ ١٥٢).