القيامِ عليهِ، وفرَّقَ الأوزاعيُّ بينَ الحالِ التي للناسِ فيها جماعةٌ وإمامٌ فحملَ الحديثَ علَيْها، وأما في [حالة](١) الفرقةِ والخلافِ فيستسلم ولا يقاتلْ أحدًا.
قلتُ: ويؤيدُ ما قالَه ابنُ المنذرِ عنْ أهلِ العلمِ ما أخرجَهُ مسلمٌ (٢) منْ حديثِ أبي هريرةِ مرفُوعًا بلفظِ: "أرأيتَ إنْ جاءَ رجلٌ يريدُ أخذَ مالي؟ قالَ: لا تُعْطِهِ، قالَ: أرأيتَ إنْ قاتلَني؟ قالَ: قاتلْه، قالَ: أرأيتَ إنْ قَتَلَني؟ قالَ: فأنتَ شهيدٌ، قالَ: أرأيتَ إن قتلْتُه؟ قالَ: فهوَ في النارِ"، وظاهرُ الحديثِ إطلاقُ الأحوالِ.
قلتُ: هذا في جوازِ قتالِ مَنْ يأخذُ المالَ، فهلْ يجوزُ [ذلك](٣) أي لمنْ يرادُ أخذَ مالِه ظُلْمًا الاستسلامُ وتركُ المنعِ بالقتالِ، الظاهرُ جوازُه. ويدلُّ له حديثُ:"فكنْ عبدَ اللهِ المقتولِ"(٤)، فإنهُ دالٌّ على جوازِ الاستسلامِ في النفسِ والمالِ بالأَوْلَى، فيحملُ قولُه هُنَا ولا تعطِه على أنهُ نَهْيٌ لغيرِ التحريمِ.
[الجناية التي تقع لدفع الضرر]
٢/ ١١٢٤ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَاتَلَ يَعْلَى بْنُ أُمَيّةَ رَجُلًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَنَزَعَ ثَنِيَّتهُ، فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"يَعَضُّ أَحَدُكُم أخاه كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ؟ لَا دِيَةَ لَهُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٥)، واللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ. [صحيح]
(وعنْ عمرانَ بنِ حصينٍ قالَ: قاتلَ يعلى بنُ أميةَ رجلًا فعضَّ أحدُهما صاحبَه فانتزعَ يدَه منْ فمهِ فنزعَ ثنيَّتَهُ فاختصَما إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يعضُّ أحدُكم) بفتحِ حرفِ المضارعةِ والعينِ المهملةِ ماضيْه عَضِضَ بكسرِ الضادِ الأُولَى يعضَضُ
(١) في (ب): "حال". (٢) في "صحيحه" رقم (٢٢٥/ ١٤٠). (٣) زيادة من (أ). (٤) أخرجه أحمد (٥/ ٢٩٢)، من حديث خالد بن عرفطة بسند ضعيف. (٥) البخاري رقم (٦٨٩٢)، ومسلم رقم (١٦٧٣). قلت: وأخرجه الترمذي رقم (١٤١٦)، والنسائي (٨/ ٢٨ - ٢٩).