عليهِ، وهوَ الأوفقُ بلفظِ الحديثِ، وهوَ الذي اخترناهُ في حاشيةِ (١) ضوءِ النهارِ. وفي قولِه: أنْ يبيعَ، ما يشعرُ بأنَّها إنَّما تثبتُ فيما كان بعقدِ البيعِ وهذا مجمعٌ عليهِ، وفي غيرهِ خلاف.
وقولُه: في كلِّ شيءٍ، يشملُ الشفعةَ في الإجارةِ، وقدْ منعَها الهادويةُ (٢) وقالُوا: إنما تكونُ في عينٍ لا منفعةَ. وضعفَ قولهم لأنَّ المنفعةَ تُسَمَّى شيئًا وتكونُ مشتركةً فيشملها "في كلِّ شركٍ" أيضًا؛ إذْ لو لم تكنْ شيئًا ولا مشتركةً لما صحَّ التأجيرُ [فيها](٣)، ولا القسمةُ بالمهاباةِ ونحو ذلكَ، وهيَ بيعٌ مخصوصٌ فيشملُها [قوله](٤): "لا يحلُّ لهُ أنْ يبيعَ"، فالحقُّ ثبوتُ الشُّفْعَةِ فيها لشمولِ الدليلِ لها، ولوجودِ علةِ الشفعةِ فيها. وظاهرُ [قولِه](٤): "في كلِّ شركٍ" أي مشتركٍ ثبوتُها للذمي على المسلِم إذا كانَ شريكًا له في الملْكِ، وفيهِ خلافٌ، والأظهرُ ثبوتُها للذمِّيِّ في غير جزيرةِ العربِ، لأنَّهم منهيُّونَ عن البقاءِ فيها (٥).
[الشفعة للجار على جاره]
٢/ ٨٤٩ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّانَ (٦)، وَلَهُ عِلَّةٌ. [صحيح لغيره]
(١) "منحة الغفار" (٣/ ١٤١٨). (٢) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ٦). (٣) زيادة من (ب). (٤) في رواية مسلم في حديث الباب، وهي زيادة من المخطوط (أ). (٥) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأُخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا" أخرجه مسلم (١٧٦٧). (٦) في "صحيحه" (١١/ ٥٨٥ رقم ٥١٨٢ - الإحسان). وأخرجه الطحاوي (٤/ ١٢٢)، من طريق سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعًا. وأخرجه الطحاوي أيضًا (٤/ ١٢٣)، من طريق كل من سعيد وهمام وشعبة، كلهم عن قتادة عن أنس عن سمرة مرفوعًا فجعلوه من حديث سمرة. وأخرجه أيضًا من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعًا: أبو داود (٣٥١٧)، والترمذي (١٣٦٨)، وأحمد (٥/ ٨، ١٢)، وابن الجارود (٦٤٤)، والطحاوي (٤/ ١٢٣)، والبيهقي (٦/ ١٠٦)، والطيالسي (ص ١٢٢ رقم ٩٠٤). وهذا حديث صحيح، صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢/ ٦٧٢ رقم ٣٠٠٣). فيرتقي به حديث الباب إلى الصحة، والله أعلم.