نفلًا، أو ينوي هذا [عصرًا والآخرُ ظهرًا](١) - أنَّها تصحُّ الصلاةُ جماعةً، وإليهِ ذهبتِ الشافعيةُ، ويأتي الكلامُ على ذلكَ في حديثٍ جابرٍ (٢) في صلاةِ معاذٍ.
وقولُهُ:"وإذا قالَ: سمعَ اللهُ لمن حمدهُ" يدلُّ أنهُ الذي يقولُهُ الإمامُ، ويقولُ المأمومُ:"اللَّهمّ ربَّنا لكَ الحمدُ"، وقد ورد بزيادةِ الواوِ، ووردَ بحذفِ "اللَّهمّ" والكلُّ جائزٌ، والأرجحُ العملُ بزيادةِ "اللَّهمَّ"، وزيادةِ الواو، لأنَّهما يفيدانِ معنىً زائدًا.
وقد احتجَّ بالحديثِ مَنْ يقولُ: إنهُ لا يجمعُ الإمامُ والمؤتمُّ بينَ التسميعِ والتحميدِ، وهمُ الهادويةُ والحنفيةُ، قالُوا: ويشرعُ للإمامِ والمنفردِ التسميعُ، وقدْ [تقدَّم الكلامَ فيه](٣). وقالَ أبو يوسفَ ومحمدٌ: يَجْمَعُ بينَهما الإمامُ والمنفردُ ويقولُ المؤتمُّ: سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ؛ لحديثِ أبي هريرةَ:"أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يفعلُ ذلكَ"، وظاهرهُ: منفردًا وإمامًا؛ [فإنَّ](٤) صلاتَهُ - صلى الله عليه وسلم - مؤتمًا نادرةٌ، ويقالُ عليهِ: فأينَ الدليلُ على أنهُ يشملُ المؤتمَّ، فإنَّ الذي في حديثٍ أبي هريرةَ [هذَا](٥) أنهُ [يحمدُ](٦)، وذهبَ الإمامُ يحيى، والثوريُّ، والأوزاعيُّ إلى أنهُ يجمعُ بينَهما الإمامُ والمنفردُ، ويحمدُ المؤتمُّ لمفهومِ حديثٍ الباب؛ إذ يفهمُ مِن قولِهِ:"فقولُوا: اللَّهمَّ" الخ، أنهُ لا يقولُ المؤتمُّ إلَّا ذلكَ.
وذهبَ الشافعيُّ إلى أنهُ يجمعُ بينَهما المصلِّي مطلقًا مستدلًّا بما أخرجهُ مسلمٌ (٧) من حديثٍ ابن أبي أَوْفَى: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا رفعَ رأسُهُ منَ الركوعِ قالَ: سمعَ اللهُ لمنْ حمدَهُ، اللهمَّ ربَّنَا لكَ الحمدُ" الحديثَ. قالَ: والظاهرُ عمومُ [الأحوال، أي](٨): أحوال صلاتِه جماعةً ومنفردًا، وقد قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي"(٩)، ولا حجةَ في سائرِ الرواياتِ على الاقتصارِ؛ إذ عدمُ الذكرِ
(١) في (أ): "ظهرًا وهذا عصرًا". (٢) رقم (١٠/ ٣٧٩). (٣) في (ب): "قدمنا هذا". (٤) في (أ): "على أن". (٥) زيادة من (ب). (٦) في (ب): "صلّى بحمده". (٧) في "صحيحه" (١/ ٣٤٦ رقم ٢٠٢/ ٤٧٦). (٨) زيادة من (أ). (٩) أخرجه البخاري (٦٣١)، ومسلم (٢٤/ ٣٩١) من حديث مالك بن الحويرث بألفاظ، وهذا لفظ البخاري.