الثاني: النَّهْيُ عن المناجشةِ [في البيعِ، وقد تقدم في كتاب](٢) البيعِ، ووجْهُ النهي عنْها أنَّها منْ أسبابِ العداوةِ والبغضاءِ، وقدْ رُوِيَ بغيرِ هذَا اللفظِ في الموطأ (٣) بلفظِ: "ولا تنافسُوا" منَ المنافسةِ، وهيَ الرغبةُ في الشيءِ، ومحبةُ الانفرادِ بهِ. ويُقَالُ: نافستُ في الشيءِ منافسة ونَفَاسًا إذا رغبتُ فيهِ، والنَّهيُ [عنها](٤) نهيٌ عن الرغبةِ في الدُّنيا وأسبابِها وحظوظِها [كما قال: يا خاطب الدنيا الدنيَّة إنها يسرك الرد وقراره الأوجه](٥).
الثالث: النَّهيُ عن التباغضِ وهوَ تفاعلٌ، وفيه أما في "تحاسدُوا" منَ] (٦) النهيَ عن التقابلِ في المباغضةِ، والانفرادِ بها بالأولَى، وهوَ نهيٌ عنْ تعاطي أسبابِه، لأنَّ البغضَ لا يكونُ إلَّا عنْ سبب، [والنهي](٧) متوجهٌ إلى [البغض](٨) لغيرِ اللَّهِ تعالى، فأما ما كانتْ للهِ فهيَ واجبةٌ، فإنَّ البغضَ في اللَّهِ، والحبَّ في اللَّهِ منَ الإيمانِ، بلْ وردَ في الحديثِ حصرُ الإيمانِ عليهمَا.
(١) سورة الشورى: الآية ٤٠. (٢) في (ب): "وتقدَّم تحقيقها في". (٣) ٢/ ٩٠٧ - ٩٠٨ رقم ١٥). (٤) في (أ): "هنا". (٥) زيادة من (أ). (٦) في (أ): "مبالغة في ". (٧) في (ب): "والذم". (٨) في (ب): "البغاضة".