وفي الترمذيِّ (٢) عنْ عائشةَ أنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:"مَنْ دَعَا على مَنْ ظلمَهُ فقدِ انتصَر"، فإنْ قيلَ:[فقد](٣) مدحَ اللهُ المنتصرَ مِنَ البغي ومدحَ العافي عنِ الجرمِ، قالَ ابنُ العربيِّ: فالجوابُ على أنَّ الأولَ محمولٌ على ما إذَا كانَ الباغي وَقِحًا ذا جُرْأَةٍ وفُجُورٍ، والثاني: على مَنْ وقعَ منهُ ذلكَ نادِرًا [فتُقَالُ](٤) عثرتُه بالعفوِ عنهُ.
وقالَ الواحديُّ: إنْ كانَ الانتصارُ لأجلِ الدِّيْنِ فهوَ محمودٌ، وإنْ كانَ لأجلِ النَّفْسِ فهوَ مباحٌ لا محمود عليه.
واختلفَ العلماءُ في التحليلِ منَ الظلامة على ثلاثةِ أقوالٍ: كانَ ابنُ المسيِّبِ لا يحلِّلُ أحدًا منْ عِرْضٍ ولا مالٍ، وكانَ سليمانُ بنُ يسارٍ وابنُ سيرينَ يحلِّلانِ منْهما، ورأَى مالكٌ التحليلَ منَ العِرْضِ دونَ المالِ.
* * *
(١) في (أ): "وينقصه". (٢) في "السنن" (٣٥٥٢) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي حمزة، وهو ميمون الأعور. (٣) في (ب): "قد". (٤) في (أ): "فيقال".