• أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي في كتابه وحدثني عنه عثمان بن محمد العثماني قال سمعت عبد الرحمن بن أحمد يقول سمعت الجنيد بن محمد يقول وهو يدعو بهذا الدعاء: الحمد لله إلهي حمدا كإحصاء علمك، حمدا يرقى إليك على الألسنة الطاهرة مبرأ من زيغ وتهمة، معرى من العاهات والشبهات، قائما في عين محبتك بحنين صدق إخلاصه، ليكون نور وجهك العظيم غايته، وقدس عظمتك نهايته، لا يستقر إلا عند مرضاتك، خالصا بوفاء إرادتك نصب إرادتك، حتى يكون لمحامدك سائقا قائدا، إلهى ليس فى أفق سماواتك ولا في قرار أرضك في فسحات أقاليمها من يحب أن يحمد غيرك إذ أنت منشئ المنشآت لا تعرف شيئا إلا منك وكيف لا تعرفك الأشياء ولم يقر الخلق إلا لك وبدؤه منك وأمره إليك وعلانيته وسره محصي في إرادتك؟ فأنت المعطي والمانع وقضاؤك الضار والنافع، وحلمك يمهل خلقك وقضاؤك يمحو ما تشاء من قدرك، تحدث ما شئت أن تحدثه وتستأثر بما شئت أن تستأثره وتخلق ما أنت مستغن عن صنعه وتصنع ما يبهر العقول من حسن حكمته لا تسأل عما تفعل، لك الحجة فيما تفعل. وعندك أزمة مقادير البشر وتصاريف الدهور، وغوامض سر النشور ومنك فهم معرفة الأشخاص الناطقة بتفريدك لا يغيب عنك ما في أكنة سرائر الملحدين، ولا يتوارى عن علمك اكتساب خواطر المبطلين ولا يهيم في قضائك إلا الجاهلون، ولا يغفل عن ذكرك وشكرك إلا الغافلون، ولا تحتجب عنك وساوس الصدور ولا وهم الهواجس ولا إرادة الهمم ولا عيون الهمم التي تخرج بصائر القلوب. إلهي فكيف أنظر إن نظرت إلا إلى رحمتك، وإن غضضت فعلي نعمك، فمن فضلك جعلت حكمك يحتمل على عطفك ومن فضلك جعلت نعمك تعم جميع خلقك، فهب لي من لدنك ما لا يملك غيرك مما تعلمه يا وهاب يا فعال لما يريد واجعلني من خاصة أوليائك يا خير مدعو وأكرم راحم إنك أنت على كل شيء قدير.
• سمعت أبا الحسن علي بن هارون يقول سمعت الجنيد بن محمد يقول:
اعلم أن المناصحة منك للخلق والإقبال على ما هو أولى بك فيك وفيهم أفضل