لزوم قلبه على مشاهدة الله إياه، وقيامه عليه مطلع على ضميره، قال الله ﷿ ﴿(واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه)﴾ فيراه بقلبه قريبا منه فيستحى منه ويخافه ويرجوه ويحبه ويؤثره ويلتجئ إليه ويظهر فقره وفاقته له، وينقطع إليه في جميع أحواله. فهذه ما لا بد للخلق أجمعين منها أن يعملوا بها، بعث الله تعالى أنبياءه عليهم الصلاة والسلام بهذا ولهذا وفي هذا، وأنزل الكتاب لهذا، وجاءت الآثار عن نبينا ﷺ على هذا، وعن أصحابه والتابعين وعملوا به حتى فارقوا الدنيا، وكانوا على هذا، لا ينكره إلا جاهل.
• سمعت محمد بن الحسن بن موسى يقول سمعت جدي يقول بلغني أن يعقوب بن الليث اعتقل بطنه في بعض كور الأهواز فجمع الأطباء فلم يغنوا عنه شيئا، فذكر له سهل بن عبد الله فأمر بإحضاره في العماريات فأحضر، فلما دخل عليه قعد على رأسه وقال: اللهم أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة:
ففرج عنه من ساعته، فأخرج إليه مالا وثيابا فردها ولم يقبل منه شيئا. فلما رجع إلى تستر قال له بعض أصحابه: لو قبلت ذلك المال وفرقته على الفقراء.
فقال له: انظر إلى الأرض، فنظر فإذا الأرض كلها بين يديه ذهبا. فقال: من كان حاله مع الله هذا لا يستكثر مال يعقوب بن الليث.
• سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي يحكي عن بعض أصحاب أبي العباس الخواص قال: كنت أحب الوقوف على شيء من أسرار سهل بن عبد الله فسألت بعض أصحابه عن قوته فلم يخبرني أحد منهم عنه بشيء، فقصدت مجلسه ليلة من الليالي فإذا هو قائم يصلي، فأطلت القيام وهو قائم لا يركع، فإذا أنا بشاة جاءت فرجمت باب المسجد وأنا أراها، فلما سمع حركة الباب ركع وسجد وسلم وخرج وفتح الباب، فدنت الشاة منه ووقفت بين يديه، فمسح ضرعها - وكان قد أخذ قدحا من طاق المسجد - فحلبها وجلس فشرب ثم مسح بضرعها وكلمها بالفارسية فذهبت فى الصحراء ورجع هو إلى محرابه. وقال أبو