مصححة مذكورة، كان في علم الأصول راسخا وراجحا وعن الخوض في الفضول جافيا وجانحا، وللمخالفين الزائغين قامعا وناطحا، وللمريدين والمنيبين قابلا وناصحا.
وقيل إن فعل ذوي العقول. الأخذ بالأصول والترك للمفضول، واختيار ما اختاره الرسول. ﷺ.
• أخبر جعفر بن محمد الخواص - في كتابه - وحدثني عنه أحمد بن محمد ابن مقسم قال سمعت الجنيد بن محمد يقول: كان الحارث المحاسبى يجئ إلى منزلنا فيقول: اخرج معي نصحن فأقول له: تخرجني من عزلتي وأمني على نفسي إلى الطرقات والآفات ورؤية الشهوات؟ فيقول: اخرج معي ولا خوف عليك. فأخرج معه فكان الطريق فارغ من كل شيء، لا نرى شيئا نكرهه فإذا حصلت معه في المكان الذي يجلس فيه قال لي: سلني، فأقول له: ما عندي سؤال أسألك، فيقول لي: سلني عما يقع في نفسك، فتنثال علي السؤالات فأسأله عنها فيجيبني عليها للوقت ثم يمضى إلى منزله فيعملها كتبا.
• أخبر جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه أحمد بن محمد بن مقسم قال سمعت الجنيد يقول: كنت كثيرا أقول للحارث: عزلتي أنسي وتخرجني إلى وحشة رؤية الناس والطرقات؟ فيقول لي: كم تقول لي أنسي في عزلتي؟ لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت بهم أنسا، ولو أن النصف الآخر نأى عنى ما استوحشت لبعدهم.
• أخبر جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه أبو الحسن قال سمعت الجنيد يقول: كان الحارث كثير الضر فاجتاز بي يوما وأنا جالس على بابنا فرأيت في وجهه زيادة الضر من الجوع فقلت له: يا عم لو دخلت إلينا نلت من شيء عندنا. فقال: أو تفعل؟ قلت نعم وتسرني بذلك وتبرني فدخلت بين يديه ودخل معي وعمدت إلى بيت عمي - وكان أوسع من بيتنا لا يخلو من أطعمة فاخرة لا يكون مثلها فى بيتنا سريعا - فجئت بأتواع كثيرة من الطعام فوضعته بين يديه فمد يده وأخذ لقمة فرفعها إلى فيه فرأيته يلوكها