للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الوعد ثم ضمن لك شيئا إن وفى لك به كان فيه نجاتك وإن هو غدر بك كان فيه عطبك لم كنت به في عدته راضيا؟ قلت: لا: قال فمن لم تعرفه بالخلف ما يكون عندك؟ قلت: وفيا غير متهم. قال: وكذا عقد معرفتك بالله عقد وفاء لا عقد تهمة فليس في خلف عقد الوفاء التهم فمن ضعف المعرفة ضعف التصديق وضعف حسن الظن ووقعت النهم الموجبة للنظر إلى النفوس المعتركة لها لثبوت أسباب الحيلة في طلب ما وقع الوعد من ربها. قلت: رحمك الله حسن الظن أصل فما فروعه؟ قال: السكوت والثقة والطمأنينة والرضا.

قال: قلت: رحمك الله خبرني عن هذه الأشياء التي ذكرتها تجر إلى معنى واحد أم لها معان مختلفة لكل واحد منها مقام ومعنى بخلاف أخيه! فقال. أبيت إلا كيسا فى المسألة إن السكون يافتى إنما هو من يقين المعرفة لا من يقين الإيمان فقد مسته شعبة من يقين الإيمان. قلت: رحمك الله جرحت عقلي فداوني بمثل منك واشفني برفقك واتئد على جزعي بلسانك. فقال: يافتى أخبرنى عن الماء السائل فى حدوره إذا لطته السيول إلى مغيضه أيكون ساكنا في مسيله أو متحركا جاريا؟ فقال: وهكذا المعرفة في سيلها إلى القلب تكون في تحصيل القلب متحركة غير ساكنة فإذا وافت مغيضها من القلب سكنت كسكون الماء في مغيضه، يافتى خبرني عن الماء في وقت ما وصل إلى مغيضه هل أنظرك ضوء منه إلى ما في قعره؟ قلت: لا! قال: ولم؟ قلت: لأن السيل من بقاع مختلفة فحمل من طيتها فى صفا نفسه فخفى الصيفا لما شابه من الطين في جريه، فلما أن وصل إلى المغيض كان الطين ممازجه، فمن صفا نوره في نفسه أن يريك ما في قعره. قال: وهكذا إذا صفا انظر ما في قرار الماء وهو سيما فى ألفاظ العرب أيقن يعنى صفاء فرأت وسكن عند استغلاله لنفسه من الذي قد كان ما زجه وتراخى مما زجه - أعنى الطين - حتى سد جحرة كانت فى أرض المغيض وهكذا يافتى المعرفة إذا سكنت في القلب وتمكنت بالتصديق والثقة منه تراخت منها علوم موكده فسدت خروق القلب التي كانت الآفات والوسواس فنقل المعرفة منها. قال: خبرنى يافتى عن الماء الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>