تعالى ﴿(وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق)﴾ فالقرآن من علم الله تعالى. وفي هذه الآيات دليل على أن الذي جاءه ﷺ هو القرآن لقوله ﴿(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم)﴾ وقد روي عن غير واحد ممن مضى من سلفنا أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله ليس بمخلوق. وهو الذي أذهب إليه لست بصاحب كلام ولا أدري الكلام في شيء من هذا إلا ما كان في كتاب الله أو حديث عن النبي ﷺ أو عن أصحابه أو عن التابعين ﵏، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود.
قال أبو الفضل: وقدم المتوكل فنزل الشماسية يريد المدائن فقال لي أبي:
يا صالح أحب أن لا تذهب اليوم ولا تنبه علي، فلما كان بعد يوم وأنا قاعد خارجا وكان يوم مطر إذا يحيى بن خاقان قد جاء والمطر عليه في موكب عظيم فقال: سبحان الله لم تصل إلينا حتى نبلغ أمير المؤمنين السلام عن شيخك حتى وجه بي ثم نزل خارج الزقاق فجهدت به أن يدخل على الدابة فلم يفعل فجعل يخوض المطر، فلما صار إلى الباب نزع جرموقه وكان على خفه ودخل وأبي في الزاوية قاعد عليه كساء مربع وعمامة والستر الذي على الباب قطعة خيش، فسلم عليه وقبل جبهته وسأله عن حاله وقال: أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول: كيف أنت في نفسك وكيف حالك؟ وقد آنست بقربك ويسألك أن تدعو له. فقال: ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو الله له. ثم قال قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة. فقال له: يا أبا زكريا أنا في البيت منقطع عن الناس وقد أعفاني من كل ما أكرهه. فقال يا أبا عبد الله الخلفاء لا يحتملون هذا. فقال يا أبا زكريا تلطف في ذلك. فدعا له ثم قام فلما صار إلى الدار رجع وقال: أهكذا كنت لو وجه إليك بعض إخوانك تفعل؟ قال نعم فلما صرنا إلى الدهليز قال قد أمرني أمير المؤمنين أن أدفعها إليك تفرقها، فقلت تكون عندك إلى أن تمضي هذه الأيام. قال أبو الفضل: وقد كان وجه محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أبي في وقت قدومه بالعسكر «أحب