للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرض لأنبيائه المعصية والحرام والظلم، فقال: ﴿(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)﴾ ثم قال للمؤمنين ﴿(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)﴾ ثم أجملها فقال ﴿(يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)﴾. واعلم يا أخي أنه لم يرض لأنبيائه ولا للمؤمنين ولا للمشركين حراما، ولا تتهاون بالذنب الصغير ولكن انظر من عصيت؟ عصيت ربا عظيما يعاقب على الصغير، ويتجاوز عن الكبير، وإن اكيس الكيس من يدخل الجنة بذنب عمله فنصبه بين عينيه، ثم لم يزل حذرا على نفسه من تلك الخطيئة حتى فارق الدنيا ودخل الجنة، وإن أحمق الحمق من دخل النار بحسنة واحدة نصبها بين عينيه ولم يزل يذكرها ويرجو ثوابها ويتهاون بالذنوب حتى فارق الدنيا ودخل النار، فكن يا أخي كيسا حذرا على مازل منك ومضى، لا تدري ماذا يفعل بك ربك فيه وما بقي من عمرك لا تدري ماذا يحدث لك فيها، فإن إبراهيم خليل الرحمن حذر على نفسه فسأل ربه فقال: ﴿(واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)﴾ وقال يوسف ﴿(توفني مسلما وألحقني بالصالحين)﴾ وقال موسى ﴿(رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين)﴾ وقال شعيب ﴿(ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا)﴾ فهؤلاء أنبياؤه خافوا على أنفسهم، وإنما المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

• حدثنا محمد بن عبيد الله - إملاء - ثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول ثنا محمد بن علي بن ميمون ثنا الفريابي. قال قدم سفيان الثوري ببيت المقدس فأقام ثلاثة أيام وصلى عند باب الرحمة، وعند محراب داود ، ورابط بعسقلان أربعين يوما، وصحبت سفيان من عسقلان إلى المدينة فكان يخرج النفقة ونخرج معه جميعا فيدفعها إلى رجل لينفق علينا، فكنا إذا وضعنا سفرتنا لم يرد أحدا من السؤال إلا أعطاه، حتى لا يبقى شيء، فكان بعضنا إذا رآه يصنع ذلك يأخذ خبزه ويتنحى فياكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>