المتقون الوعيد من الله أمامهم، فنظرت إليه قلوبهم بتصديق وتحقيق، فهم والله في الدنيا منغصون، ووقفوا ثواب الأعمال الصالحة خلف ذلك فمتى سمت أبصار القلوب إلى ثواب الأعمال تشوقت القلوب وارتاحت إلى حلول ذلك، فهم والله إلى الآخرة متطلعون بين وعيد هائل، ووعد حق صادق، فلا ينفكون من خوف وعيد إلا رجعوا إلى تشوق موعود فهم كذلك وعلى ذلك حتى يأتي أمر الله، وهم أيضا مذابيل في الموت جعلت لهم الراحة، ثم يبكي.
• حدثنا أبي ثنا أبو الحسن بن أبان ثنا أبو بكر بن عبيد حدثني محمد بن الحسين ثنا محمد بن سلام قال سمعت الربيع بن عبد الرحمن يقول في كلامه:
قطعتنا غفلة الآمال عن مبادرة الآجال، فنحن في الدنيا حيارى لا ننتبه من رقدة إلا أعقبتنا فى أثرها غفلة، فيا اخوتاه! نشدتكم بالله هل تعلمون مؤمنا بالله أغر ولنقمه أقل حذرا من قوم هجمت بهم الغير على مصارع النادمين، فطاشت عقولهم، وضلت حلومهم عند ما رأوا من العبر والأمثال، ثم رجعوا من ذلك إلى غير عقله ولا نقله. فبالله يا إخوتاه هل رأيتم عاقلا رضي من حاله لنفسه بمثل هذه حالا؟ والله عباد الله لتبلغن من طاعة الله تعالى رضاه، أو لتنكرن ما تعرفون من حسن بلائه، وتواتر نعمائه إن تحسن أيها المرء يحسن إليك، وإن تسئ فعلى نفسك بالعتب، فارجع فقد بين وحذر وأنذر فما للناس على الله حجة بعد الرسل ﴿(وكان الله عزيزا حكيما)﴾.
• حدثنا أبي ثنا أبو الحسن بن أبان ثنا أبو بكر بن عبيد ثنا محمد بن الحسين حدثني حكيم بن جعفر عن عبد الله بن أبي نوح. قال: قال رجل لي - في بعض السواحل، وأنا قرأته في بعض أجزاء الربيع-: كم عاملته تبارك اسمه بما يكره فعاملك بما تحب؟ قلت ما أحصي ذلك كثرة، قال فهل قصدت إليه في أمر كربك فخذلك؟ قلت: لا والله ولكنه أحسن إلي وأعانني، قال: فهل سألته شيئا قط فما أعطاك؟ قلت وهل منعني شيئا سألته؟ ما سألته شيئا قط إلا أعطاني، ولا استعنت به إلا أعانني، قال أرأيت لو أن بعض بني آدم فعل بك