مذهب، ولا عنه مهرب، ألا فأخبث بدار يقلص ظلها ويفنى أهلها، إنما هم بها سفر نازلون، واهل ظعن شاخصون، كأن قد انقلبت الحال، وتنادوا بالارتحال، فأصبحت منهم قفارا قد انهارت دعائمها، وتنكرت معالمها، واستبدلوا بها القبور الموحشة، التي استبطنت بالخراب، وأسست بالتراب، فمحلها مقترب، وساكنها مغترب، بين أهل موحشين، وذوي محلة متشاسعين.
لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون تواصل الإخوان، ولا يتزاورون تزاور الجيران، قد اقتربوا في المنازل، وتشاغلوا عن التواصل، فلم أر مثلهم جيران محلة لا يتزاورون على ما بينهم من الجوار، وتقارب الديار، وأني ذلك منهم وقد طحنهم بكلكله البلى، وأكلتهم الجنادل والثرى، وصاروا بعد الحياة رفاتا. قد فجع بهم الأحباب، وارتهنوا فليس لهم إياب، وكان قد صرنا إلى ما صاروا، فنرتهن في ذلك المضجع، ويضمنا ذلك المستودع، يؤخذ بالقهر والاعتسار، وليس ينفع منه شفق الحذار، والسلام. قال: قلت له: فأي شيء كتبت إليه؟ قال لم أقدر له على الجواب.
• حدثنا أبو عمر عبد الله بن محمد الضبي ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري ثنا زكريا بن يحيى المقرئ ثنا الأصمعي والعتبي قالا: ثنا عتبة بن هارون قال:
مر فضل الرقاشي وأنا معه بمقبرة، فقال: يا أيها الديار الموحشة التي نطق بالخراب فناؤها، وشيد في التراب بناؤها، فمحلها مقترب، وساكنها مغترب، في محلة المتشاغلين، لا يتواصلون تواصل الإخوان، ولا يتزاورون تزاور الجيران.
• حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن أبان ثنا أبو بكر ابن عبيد حدثني محمد بن الحسين حدثني عبيد الله بن محمد قال سمعت أبي يقول قال فضل الرقاشي: ما تلذذ المتلذذون، ولا استطارت قلوبهم بشيء كحسن الصوت بالقرآن، وكل قلب لا يجب (١) على حسن الصوت بالقرآن فهو قلب ميت. قال: الفضل: وأي عين لا تهمل على حسن الصوت إلا عين غافل أولاه.
• حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المؤذن ثنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا عبد الله