للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصير، فسلمت عليه فقلت من أنت يا عبد الله؟ قال رجل من المسلمين، قال قلت [ما حالتك هذه؟ قال نعمة يجب علي حمد الله فيها، قال قلت] (١) وكيف وإنما أنت في حصير؟ قال وما لي لا أحمد الله أن خلقني فأحسن خلقي، وجعل مولدى ومنشئ في الإسلام، وألبسني العافية في أركاني، وستر علي ما أكره ذكره أو نشره، فمن أعظم نعمة ممن أمسى في مثل ما أنا فيه؟! قال قلت رحمك الله إن رأيت أن تقوم معي إلى المنزل فإنا نزول على النهر هاهنا؛ قال ولمه؟ قال قلت لتصيب من الطعام ولنعطيك ما يغنيك من لبس الحصير، قال ما بي حاجة قال الوليد: فحسبت أنه قال إن لي في أكل العشب كفاية عما قال أبو عبد رب.

فانصرفت وقد تقاصرت إلى نفسي ومقتها إذ إني لم أخلف بدمشق رجلا في الغنى يكاثرني، وأنا ألتمس الزيادة فيه، اللهم إني أتوب إليك من سوء ما أنا فيه قال فبت ولم يعلم إخواني بما قد أجمعت به، فلما كان من السحر رحلوا كنحو من رحلتهم فيما مضى وقدموا إلى دابتي فركبتها وصرفتها إلى دمشق، وقلت ما أنا بصادق التوبة إن أنا مضيت في متجري، فسألني القوم فأخبرتهم، وعاتبوني على المضي فأبيت، قال قال ابن جابر: فلما قدم تصدق بصامت ماله، وتجهز به في سبيل الله. قال: ابن جابر: فحدثنى بعض إخوانى قال ما كست صاحب عباء بدانق في عباءة أعطيته ستة وهو يقول سبعة، فلما أكثرت قال ممن أنت؟ قلت من أهل دمشق، قال ما تشبه شيخا وفد علي أمس يقال له أبو عبد رب اشترى مني سبعمائة كساء بسبعة سبعة ما سألني أن أضع له درهما، وسألني أن أحملها له فبعثت أعواني، فما زال يفرقها بين فقراء الجيش فما دخل الى منزله منها بكساء. قال: ابن جابر: وكان أبو عبد رب قد تصدق بصامت ماله، وباع عقده (٢) فتصدق بها إلا دارا بدمشق، وكان يقول: والله لو أن نهركم هذا - يعني بردا - سال ذهبا وفضة من شاء خرج إليه فأخذه ما خرجت إليه، ولو أنه قيل من مس هذا العود مات لسرني أن أقوم إليه شوقا إلى الله وإلى رسوله.

قال ابن جابر: فوافيته ذات يوم يتوضأ على مطهرة دمشق، فسلمت فرد على


(١) زيادة فى مغ
(٢) فى مغ: عقره بالراء وبالدال ما يعتقده من المال كما سيأتى

<<  <  ج: ص:  >  >>