للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكرر الوعيد!! فلا وعزتك ما نحتمل وعيد من هو دونك ممن لا يضر ولا ينفع ممن يشركنا في لذة نومنا وطعامنا وشرابنا حتى نعلم ما لنا فيما وعدنا، اللهم وهؤلاء الذين اغتنموا ظلمة الليل وجاهدوك (١) بما استخفوا به من غيرك، فإن كان في سابق العلم ألا يحدثوا توبة فأقد منهم بأسوإ أعمالهم.

• حدثنا الوليد بن أحمد ومحمد بن أحمد بن النضر قالا: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ثنا محمد بن يحيى الواسطي ثنا محمد بن الحسين البرجلاني ثنا الصلت بن حكيم ثنا النضر بن إسماعيل. قال: سمعت ابن ذر يقول في كلامه:

أما الموت فقد شهر لكم، فأنتم تنظرون إليه في كل يوم وليلة من بين منقول عزيز على أهله، كريم في عشيرته، مطاع في قومه، إلى حفرة يابسة، وأحجار من الجندل صم، ليس يقدر له الأهلون على وساد إلا خالطه فيه الهوام، فوساده يومئذ عمله، ومن بين مغموم غريب قد كثر في الدنيا همه، وطال فيها سعيه، وتعب فيها بدنه، جاءه الموت من قبل أن ينال بغيته، فأخذه بغتة. ومن بين صبى مرضع، ومريض موجع، ورهن بالشر مولع، وكلهم بسهم الموت يقرع. أما للعابدين من عبر في كلام الواعظين؟! ولربما قلت سبحانه وجل جلاله، لقد أمهكم حتى كأنه أهملكم، ثم أرجع إلى حلمه وقدرته ثم أقول بل أخرنا إلى حين آجالنا سبحانه إلى يوم تشخص فيه الأبصار، وتجف فيه القلوب! ﴿(مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)﴾ يا رب قد أنذرت وحذرت فلك الحجة على خلقك ثم قرأ ﴿(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب)﴾ ثم يقول:

أيها الظالم أنت في أجلك الذي استأجلت فاغتنمه قبل نفاذه، وبادره قبل فوته، وآخر الأجل معاينة الأجل عند نزول الموت، فعند ذلك لا ينفع الأسف، إنما ابن آدم غرض للمنايا منصوب، من رمته بسهامها لم تخطئه، ومن أرادته لم تصب غيره، ألا وان الخير الا كبر خير الآخرة الدائم فلا ينفد والباقي فلا يفنى، والممتد فلا ينقطع، والعباد المكرمون في جوار الله تعالى


(١) فى المختصر: جاهدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>