قلت: بلْ وردَ بهِ النصُّ كما يأتي في شرحِ حديثِ جابرٍ (١) في النهي عن الدفنِ ليلًا. فإنهُ أخرجَ الترمذيُّ (٢) منْ حديثِ ابن عباسٍ ما [هوَ نصُّ](٣) في إدخالِ الميتِ منْ قبلِ القبلةِ، ويأتي أنهُ حديثٌ حسنٌ؛ فيستفادُ منَ المجموعِ أنهُ فعلٌ مخيَّرٌ فيهِ.
فائدةٌ: اختلفَ في تجليل القبرِ بالثوبِ عندَ مواراةِ الميتِ؛ فقيلَ: يُجَلَّلُ سواءٌ كانَ المدفونُ امرأة أو رجلًا لما أخرجهُ البيهقيُّ (٤)[لا أحفظهُ](٥) إلَّا منْ حديثِ ابن عباسٍ قالَ: "جلَّلَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قبرَ سعدٍ بثوبِهِ"، قالَ البيهقيُّ: لا أحفظُهُ إلَّا منْ حديثِ يحيى بن عقبةَ بن أبي العيزارِ، وهوَ ضعيفٌ. وقيلَ: يختصُّ بالنساءِ لما أخرجهُ البيهقيُّ (٦) أيضًا منْ حديثِ أبي إسحاقَ: "أنهُ حضرَ جنازةَ الحارِثِ الأعورِ، فأبى عبدُ اللَّهِ بنُ زيدٍ أن يبسطُوا عليهِ ثوبًا وقالَ: إنهُ رجلٌ".
قلتُ: ويؤيدُه ما أخرجهُ البيهقيُّ (٧) أيضًا عنْ رجلٍ منْ أهلِ الكوفةِ: "أن عليَّ بنَ أبي طالبٍ أتاهمْ يدفنونَ ميْتًا، وقدْ بُسطَ الثوبَ على قبرِه، فجذبَ الثوبَ منْ القبرِ، وقالَ: إنَّما يُصنعُ هذَا بالنساءِ".
(١) رقم (٥٧/ ٥٥٦). (٢) في "السنن" (٣/ ٣٧٢ رقم ١٠٥٧) وقال: حديث حسن. وقال الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٣٠٠) وأنكر عليه لأن مداره على الحجَّاج بن أرطأة، وهو مدلِّس، ولم يذكر سماعًا، والمنهال بن خليفة راويه عن الحجَّاج ضعيف. والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم. (٣) في (أ): "نصه". (٤) في "السنن الكبرى" (٤/ ٥٤) من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف. (٥) زيادة من (أ). (٦) في "السنن الكبرى" (٤/ ٥٤) وصحح إسناده. (٧) في "السنن الكبرى" (٤/ ٥٤) وهو في معنى المنقطع لجهالة الرجل من أهل الكوفة.