لأنَّهُ يشبهُ المغربَ، وأمَّا إذا لم يقعدْ إلَّا في آخرِها فلا يشبهُ المغربَ، وهوَ جمعٌ حسنٌ (١)، وقد أيَّدهُ حديثُ عائشةَ عندَ أحمدَ (٢)، والنسائي (٣)، والبيهقي (٤)، والحاكم (٥): "كان - صلى الله عليه وسلم - يوترُ بثلاثٍ لا يجلس إلَّا في آخرهن"، ولفظُ أحمدَ:"كانَ يوترُ بثلاثٍ لا يفصلُ بينَهنَّ"، ولفظُ الحاكِم:"لا يقعدُ"[هذا](٦). وأمّا مفهومُ أنهُ لا يوترُ بواحدةٍ إلَّا لخشيةِ طلوعِ الفجرِ، فإنهُ يعارضُهُ حديثُ أبي أيوبَ هذا فإنَّ فيهِ:"ومَنْ أحبَّ أنْ يوترَ بواحدةٍ فليفعلْ"، وهوَ أقوى منْ مفهوم حديثِ الكتابِ، وفي حديثِ أبي أيوبَ دليلٌ على صحةِ الإحرامِ بركعةٍ واحدةٍ، وسَيأتي قريبًا.
(وللخمسةِ) أي: منْ حديثِ أبي هريرةَ (٧)(وصحَّحهُ ابنُ حبانَ بلفظِ: صلاةُ الليلِ والنهارِ مَثْنى مَثْنى، وقالَ النسائيُّ: هذَا خطأٌ)، أخرجَهُ المذكورُونَ من حديثِ عليِّ بن عبدِ اللَّهِ البارقي الأزْدي عن ابن عمرَ بهذَا، وأصلُهُ في "الصحيحينِ" بدونِ ذكرِ النهارِ. وقالَ ابنُ عبد البرِّ (٨): لم يقلْهُ أحدٌ عن ابن عمرَ غيرُ عليٍّ وأنكروهُ عليهِ، وكانَ ابنُ معينٍ يضعفُ حديثَهُ هذَا ولا يحتجُّ بهِ، ويقولُ: إنَّ نافعًا وعبدَ اللَّهِ بنَ دينارٍ وجماعةً رَوَوْهُ عن ابن عمرَ بدونِ ذكرِ النهارِ، ورَوَى بسندهِ عن يحيى بن معينٍ أنهُ قالَ: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثنى، قالَ: بأي حديثٍ؟ فقيل: بحديثِ الأزدي. قالَ: ومَن الأزدي حتَّى أقبلَ منهُ، قالَ النَّسَائِيُّ: هذا الحديثُ عندي خطأٌ، وكذا قالَ الحاكمُ في "علومِ الحديثِ"(٩)، وقالَ الدارقطنيُّ في
(١) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٤٧١). (٢) في "المسند" (٦/ ١٥٥ - ١٥٦). (٣) في "السنن" (٣/ ٢٣٤ - ٢٣٥ رقم ١٦٩٨). (٤) في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٨). (٥) في "المستدرك (١/ ٣٠٤) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قلت: بل هو معلول. وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، وانظر: "إرواء الغليل" (٢/ ١٥٠ - ١٥٢ رقم ٤٢١). (٦) زيادة من (ب). (٧) هذا سبق قلم. والصواب: من حديث ابن عمر، وهذا ما ذكره الصنعاني رحمه الله بعد سطرين. (٨) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (٢/ ٢٢). (٩) (ص ٥٨).