(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، رَوَاهُ مُسْلِمٌ). هذا منْ أحاديثِ سجودِ التلاوةِ، وهوَ داخلٌ في ترجمةِ المصنفِ الماضيةِ كما عرفتَ حيثُ قالَ: بابُ سجودِ السهوِ وغيرِهِ. والحديثُ دليلٌ على مشروعيةِ سجودِ التلاوةِ. وقدْ أجمعَ على ذلكَ العلماءُ، وإنَّما اختلفُوا في الوجوبِ، وفي مواضعِ السجودِ، فالجمهورُ [على](٤) أنهُ سنةٌ. وقالَ أبو حنيفةَ: واجبٌ غيرُ فرضٍ، ثمَّ هوَ سنةٌ في حقِّ التالي والمستمعِ [إنْ](٥) سجدَ التالي. وقيلَ: وإنْ لم يسجدْ، [وأما](٦) مواضعُ السجودِ فقالَ الشافعيُّ: يسجدُ فيما عدا المفصلِ (٧)، فيكونُ أحدَ عشرَ موضِعًا.
وقالتِ الهادويةُ والحنفيةُ في أربعةَ عشرَ محلًا، إلَّا أنَّ الحنفيةَ لا يعدُّونَ في الحجِ إلَّا سجدةً، واعتبروا بسجدةِ سورةِ {ص}، والهادويةُ عكسُوا ذلكَ كما ذَكَرَ [ذلك](٨) - المهدي [في البحرِ](٩). وقالَ أحمدُ وجماعةٌ: يسجدُ في [خمسةَ](١٠) عشر موضعًا عدُّوا سجدتي الحجِّ وسجدةَ {ص}.
(١) سورة الانشقاق: الآية ١. (٢) سورة العلق: الآية ١. (٣) في "صحيحه" (رقم ١٠٨/ ٥٧٨). قلت: وأخرجه أبو داود (رقم ١٤٠٧)، والترمذي (رقم ٥٧٣ و ٥٧٤)، وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٢/ ١٦١ و ١٦٢)، وابن ماجه (رقم ١٠٥٨). (٤) زيادة من (أ). (٥) في (أ): "إذا". (٦) في (ب): "فأما". (٧) وتسميته بالمفصَّل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة. والمفصَّل: قيل: من أول سورة {ق}، وقيل: من أول {الْحُجُرَاتِ}، وقيل: غير ذلك. وأقسامه ثلاثة: طواله، وأوساطه، وقصاره. فطواله: {ق} أو {الْحُجُرَاتِ} إلى {عَمَّ} أو {الْبُرُوجِ}. - وأوساطه: من {عَمَّ} أو {الْبُرُوجِ} إلى {الضُّحَى} أو إلى {لَمْ يَكُنِ}. - وقصاره: من {الضُّحَى} أو {لَمْ يَكُنِ} إلى آخر القرآن - على خلاف في ذلك. [مباحث في علوم القرآن "للشيخ مناع القطان" (ص ١٤٥ - ١٤٦)]. (٨) في (أ): "الإمام". (٩) (١/ ٣٤٤). وما بين الحاصرتين زيادة من (ب). (١٠) في (أ): "خمس".