وقدْ أخرجَ أبو داودَ (١)، والترمذيُّ (٢)، والنسائيُّ (٣)، وابنُ ماجَهْ (٤) عن ابن عباسٍ قالَ: "لعنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زائراتِ القبورِ والمتخذينَ عليها المساجدَ والسُّرُجَ". وقد أوضحنا ذلك في رسالتنا المسمَّاة:"تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد"(٥).
(وَزَادَ مُسْلِمٌ: وَالنَّصَارَى) زادَ في حديثِ أبي هريرةَ هذَا بعدَ قولهِ اليهودِ. وقدِ استشكلَ ذلكَ لأنَّ النصارى ليسَ لهمْ نبي إلَّا عيسى عليه السلام؛ إذْ لا نبيَّ بينَهُ وبينَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ حيٌّ في السماءِ. وأجيبَ بأنهُ كانَ فيهمْ أنبياءُ غيرُ مرسلينَ كالحواريينَ ومريمَ في قول، أو أن المرادَ منْ قولهِ: أنبيائِهم المجموعُ منَ اليهودِ والنَّصارى، أوِ المرادُ الأنبياءُ وكبارُ أتباعِهْمِ، واكتفَى بذكرِ الأنبياءِ. ويؤيدُ ذلكَ قولُه في روايةِ مسلمٍ (٦): "كانُوا يَتَّخِذُونَ قُبورَ أنبيائِهمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ"، ولهذَا لما أفردَ النَّصَارى كما في الحديث الثالث وهو قوله:
(١) في "السنن" (رقم ٣٢٣٦). (٢) في "السنن" (رقم ٣٢٠) وقال: حديث حسن. (٣) في "السنن" (٤/ ٩٤ رقم ٢٠٤٣). (٤) في "السنن" (رقم ١٥٧٥). قلت: وأخرجه ابن حبان (رقم ٧٨٨ - موارد)، والطبراني في "الكبير" (١٢/ ١٤٨ رقم ١٢٧٢٥)، والحاكم (١/ ٣٧٤)، والبيهقي (٤/ ٧٨) وغيرهم. وهو حديث حسن بشواهده ما عدا لفظ (السُّرُج). انظر: الإرواء للألباني (٣/ ٢١٣) والضعيفة رقم (٢٢٥). (٥) وقد طبعت الرسالة مرتين بتحقيقنا على مخطوطتين، ولله الحمد والمنة. (٦) في "صحيحه" (رقم ٢٣/ ٥٣٢). (٧) أي للبخاري ومسلم. البخاري (رقم ٤٢٧ ورقم ٤٣٤ ورقم ١٣٤١)، ومسلم (رقم ٥٢٨). قلت: وأخرجه النسائي (٢/ ٤١ رقم ٧٠٤)، وأبو عوانة (١/ ٤٠٠ - ٤٠١)، وابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠).