قالَ الخطابيُّ: لوْ كانَ القصدُ الإنقاءَ فقطْ لَخَلا ذكرُ اشتراطِ العددِ عن الفائدةِ، فلما اشترطَ العددَ لفظًا، وعلمَ الإنقاءَ معنًى، دلَّ على إيجابِ الأمرينِ.
وأمَّا قولُ الطحاويِّ (١): لوْ كانَ الثلاثُ شرطًا لطلبَ - صلى الله عليه وسلم - ثالثًا، فجوابهُ أنهُ قدْ طلبَ - صلى الله عليه وسلم - الثالثَ كما في روايةِ أحمدَ (٢)، والدارقطنيِّ (٣)، المذكورةِ في كلامِ المصنفِ، وقدْ قالَ في "الفتح"(٤): إنَّ رجالهُ ثقاتٌ.
على أنهُ لو لمْ تثبتِ الزيادةُ هذهِ، فالجوابُ على الطحاويِّ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - اكتفَى بالأمرِ الأولِ في طلب الثلاثِ، وحينَ ألْقَى الروثةَ علمَ ابنُ مسعودٍ أنهُ لمْ يتمَّ امتثالهُ الأمرَ حتى يَأتيَ [بثالثةٍ](٥)، ثمَّ يحتملُ أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتفَى بأحدِ أطرافِ الحجرينِ فمسحَ بهِ المسحةَ الثالثةَ، إذِ المطلوبُ تثليثُ المسح ولو بأطرافِ حجرٍ واحدٍ، وهذهِ الثلاثُ لأحدِ السبيلينِ. ويشترطُ للآخرِ ثلاثةٌ - أَيضًا - فتكون ستةً؛ لحديثٍ وردَ بذلكَ في مُسنَدِ أحمدَ، على أن في نفسي منْ إثباتِ ستةِ أحجارٍ [شيئًا](٦)؛ فإنهُ ما عُلم أنهُ طلب ستةَ أحجارٍ مع تكررِ ذلكَ منهُ مع أبي هريرةَ (٧) وابنِ مسعودٍ (٨)، وغيرهما.
والأحاديثُ بلفظِ:"من أتى الغائطَ"، كحديثِ عائشةَ:"إذا ذهب أحدكمُ إلى الغائطِ فليستطبْ بثلاثةِ أحجارٍ؛ فإنَّها تجزئُ عنهُ" عندَ أحمدَ (٩)، والنسائيِّ (١٠)، وأبي داودَ (١١)، والدارقطنيِّ (١٢) وقالَ: إسنادهُ حسنٌ صحيحٌ. معَ أن الغائطَ إذا أُطْلِقَ ظاهرٌ في خارجِ الدُّبر، وخارجُ القُبلِ يلازمهُ.
(١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٢٢). (٢) في "المسند" (٦/ ١٤٦ رقم ٤٢٩٩ - شاكر)، كما تقدم. (٣) في "السنن" (١/ ٥٥ رقم ٥) كما تقدم. (٤) (١/ ٢٥٧). (٥) في (أ): "بالثالثة". (٦) في (أ): "شيءٌ". (٧) وهو حديث حسن، وقد تقدم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (١١/ ٨٨). (٨) وهو حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (١١/ ٨٨). (٩) في "المسند" (٦/ ١٠٨). (١٠) في "السنن" (١/ ٤١ رقم ٤٤). (١١) في "السنن" (١/ ٣٧ رقم ٤٠). (١٢) في "السنن" (١/ ٥٤ رقم ٤). وهو حديث حسن، وقد صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود".